ليس انحيازاً للمرأة
[ALIGN=LEFT][COLOR=darkblue]سلمان السليطي[/COLOR][/ALIGN]
هل أصبح بالفعل دور الأب غائباً تماماً عن المشهد داخل الأسرة وهل أصبح هناك فجوة حقيقية في التواصل الحقيقي بين الأبناء ورب الأسرة ؟، مشكلة ليست بجديدة ولكن الخطير فيها أننا نراها تتفاقم أمام أعيننا يوما بعد الآخر ونرى الهوة تزداد في العلاقة بين الطرفين خاصة مع تطور العصر وانشغال الأب بشكل كبير عن الأبناء واهتمامه الرئيسي بوظيفته أو تجارته أو ماله على حساب أبنائنا وانشغاله في الخروج والتنزه مع أصدقائه حتى وصل الأمر أن هناك بعض الآباء لا يعرفون أبناءهم في أي مرحلة دراسية أو صف دراسي وهذا الأمر بالتأكيد يدق ناقوس الخطر في حياتنا الاجتماعية، لذلك من الضروري قبل أن نبدأ في عقد الدورات والندوات الأسرية يجب أن نضع أيدينا أولا على السبب الرئيسي وراء هذا الخلل وابتعاد رب الأسرة عن أبنائه بهذا الشكل الكبير لذلك يجب أن نسأل أنفسنا هل أصبحنا في حاجة ملحة إلى إعادة النظر في علاقتنا مع أبنائنا وكيفية التعامل معهم.
ليس انحيازاً للمرأة أو الأم بشكل عام ولكن في الحقيقية أصبح رب الأسرة يلقي بكل هموم المنزل ومتابعة الأبناء سواء من ناحية متابعة مستواهم العلمي داخل المدرسة أو السلوكي على الأم وكأنها هي المسؤولة الوحيدة فقط عن تربيتهم والعناية بهم بعيداً عن الأب وهذه إشكالية كبيرة تخلق حالة من اللا ارتباط بين الأب وابنه، وللأسف الشديد أصبح دور الأب يقتصر فقط داخل المنزل في الجلوس وقت الغداء على مائدة الطعام لمدة لا تزيد على ربع ساعة ثم يخلد إلى النوم وبعدها يستيقظ ويخرج من المنزل ثم يعود في الليل لكي ينام حتى الصباح للتوجه إلى العمل، هذا هو المشهد الأليم لدور الأب في الكثير من العائلات، فقد تحول الأب إلى كائن بلا روح حقيقة داخل البيت، لا يعلم شيئا عن مستوى أبنائه في المدرسة أو الإشكاليات التي تواجههم، لا يحاول خلق أجواء من المصارحة والصداقة بينه وبين أبنائه حتى بات الواقع صعباً في العديد من الأسر، ولم يصل الأمر عند هذا الحد بل تطرق إلى اللامبالاة أحيانا والتجاهل في أحيان أخرى حينما يتم إرسال طلب من إدارة المدرسة لحضور الأب في حال وجود مشكلة للابن أو حضور مجلس أولياء الأمور أو احتفال خاص بابنه أو ما شابه فنجد في هذه الأيام التجاهل التام وعدم حضور رب الأسرة وكأن الأمر لا يعنيه في الأساس، فهذه هي المشكلة الحقيقية، التي يجب أن ندرس أسبابها ونحاول وضع الحلول الفعالة للقضاء عليها، فمن الطبيعي أن دور الأب مهم في حياة الابن والخوف أن يتم خلق جيل يسير على نفس هذا النهج، فحينما يرى الابن الصغير والده لا يعتني بأمره أو شؤونه في المدرسة أو الاهتمام به والسؤال عنه فمن الطبيعي أن يتأثر الابن بهذه الطباع والأجواء المناخية التي يعيش فيها وتعيش بداخله حتى الكبر، ووقتها سوف نرى نفس المشهد حينما يكبر هذا الابن ويتزوج ونراه يتعامل مع بيته بنفس أسلوب تعامل والده في الماضي معه، وهذا أمر يجب على كل أب أن يدركه تماماً، فهو يتسبب بالتأكيد في خلق جرح كبير داخل نفسية الابن من الصعب أن يلتئم ويزرع فيه حالة من الفطور تجاه الأسرة بدلاً من أن يزرع بداخله حب الانتماء للأسرة والتعاون مع أفرادها والجلوس معهم وغيرها من الأمور الطبيعية الأخرى التي يجب على كل أب مدرك لخطورة هذه القضية أن يتبعها.
لذلك فمن الضروري أن يكون هناك نوع من الوعي والإدراك لكل شاب مقبل على الزواج وأن تكون هناك النصائح اللازمة من قبل أسرته في كيفية تعامله مع زوجته وأبنائه وخلق حالة من الجو الأسري داخل البيت ويجب على والد الزوج أو والدته أو أسرته أن تقتسم معه المسؤولية في حال شعورهم بأنه لا يؤدي واجبه على أكمل وجه تجاه أبنائه فعليهم بالتوعية المستمرة والنصحية المؤثرة التي تجعله يسير على الطريق الصحيح حيث أن مسؤولية الأب في متابعة وتربية الأبناء ليست قليلة بل إنها من أعظم المسؤوليات التي يجب أن يدركها كل أب، وليس هناك ما يمنع من وجود دورات وندوات ولكن من المهم أن تكون مبنية على أسس صحيحة، فما المانع أن تقوم كل مؤسسة أو وزارة بعمل ندوات توعوية لموظفيها من وقت إلى آخر بدور الأب في البيت والاهتمام بالأبناء والتوفيق بين جهة عمله ووظيفته من ناحية ودوره كأب يتابع أبناءه ويخصص وقت فراغ لهم من ناحية أخرى، فأعتقد أنها سوف تكون تجربة عملية ناجحة في حال استقطاب أشخاص ومحاضرين لهم ثقل كبير في مجتمعنا ومؤهلين بالشكل الكافي فسوف يكون لها ثمارها التي من الممكن أن تغير في تعامل الأب داخل بيته وتجعله إنساناً مختلفاً في التعامل الصحيح مع أبنائه وبناته.. نسأل الله أن يسدد خطانا ويحفظ أولادنا.
التصنيف: