[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الرحمن السويدي[/COLOR][/ALIGN]

كان ولا يزال الخليج العربي يشكل الدعامة الأهم من حيث الأمن الغذائي والتجارة والنقل وحديثا تأمين مياه الشرب لسكان المنطقة ، وبالرغم من أهميته الاستراتيجية إلا أنه لم ينل نصيبه الوافي من الرقابة البيئية التي تناسب أهميته أو كالتي تنعم بها اليابسة مع أن مناخها صحراوي يصعب تأهيله لتأمين القدر الكافي من الغذاء أو الماء ، وبالتالي كان من الأولى أن يستحوذ الخليج العربي من الدول المطلة على سواحله الجزء الأكبر من الاهتمام وأن تُنشئ تلك الدول مؤسسات بيئية مشتركة تُخصص لها الموارد الكافية لتأمين البحث البيئي ولتأهيل أجهزتها الرقابية وتمكينها من فرض القانون ، وبالرغم من تدهور البيئة البحرية في الخليج العربي نتيجة للأضرار التي لحقت به جراء حرب الخليج العربي الأولى والثانية وكذلك مخلفات شركات النفط الناتجة عن عمليات التنقيب والحفر والاستخراج والتصدير إضافة الى الملوثات الأخرى الناتجة عن عوادم الصناعات البتروكيماوية ومحطات التحلية والإنشاءات المتعلقة بالموانئ والأرصفة وتجريف التربة البحرية وبالرغم من محدودية فاعلية إدارة الرقابة البيئية في وزارة البيئة تجاهها وعدم شفافيتها بخصوص مخلفات تلك الشركات العملاقة وحصر نشاطاتها على الكاراجات وورش الخدمات البسيطة وتبنيها لمبدأ \” اضرب الضعيف يهابك القوي \” ، إلا أن الرقابة على المراكب التجارية ومراكب الصيد والزوارق الخاصة مازالت عمليا خارجة عن برامجها لسبب غياب التحذيرات والإحصاءات المتعلقة بقياس حجم الأضرار التي تتسبب فيها تلك المراكب نسبة الى أعدادها والناتجة عن رَمي الفوارغ وعبوات الطعام وعبوات المياه غير المرتجعة ، بالإضافة الى التلف الذي تتسبب فيه مراسيها بالحيد والتكوينات المرجانية ، فإذا ما تم حصر الفوارغ عند كل رحلة ( عدا المخلفات الأخرى ) لأمكننا تصور درجة الأضرار الناتجة عنها ، علما أن مركب الصيد الواحد يرمي من المخلفات ما مُعدله مائة وثمانين عبوة فارغة في كل رحلة صيد مدتها ثلاثة أيام تتكون في غالبها من عبوات الأكل السريع والمياه والمشروبات الغازية والأكواب الورقية وأكواب العصائر باختلاف أنواعها والأكياس البلاستيكية والشِوك والمعالق …… إلخ ، وبما أن مُعدل خروج المركب الواحد للصيد في الشهر هو أربع مرات ، فبالتالي يصبح مجموع ما يرميه من فوارغ يعادل السبعمائة وعشرين عبوة ، وبما أن إجمالي المراكب العاملة في المياه الإقليمية يزيد عددها عن الألف مركب ، عندها يصبح إجمالي الفوارغ الملقاة لا تقل عن السبعمائة وعشرين ألف عبوة في الشهر أو ثمانية ملايين وستمائة وأربعين ألف عبوة في السنة ، مضاف إليها المؤثرات الأخرى كتلك الناتجة عن استخدم المراسي التي تضيف على إجهاد التكوينات والمستعمرات المرجانية كونها الحاضنة الأهم لتكاثر الأسماك ، وبما أننا لا نستطيع منع المراكب من ممارسة نشاطها الاستراتيجي في تأمين الغذاء ، إنما بالإمكان إدارتها ووضع الحلول المناسبة للحد من أثرها البيئي وذلك بوضع التشريعات التي تُقيد استخدام ذلك النوع من الفوارغ والاستعاضة عنها بالعبوات المرتجعة أو بخزانات ثابتة مخصصة لمياه الشرب ، كما يمكن إحصاء الفوارغ قبل مغادرة المراكب للميناء وبعد عودتها ومنع حمل الأكياس البلاستيكية والاستعاضة عنها بالأكياس المستدامة الاستخدام ، بالإضافة الى منع استخدام جميع أشكال المصبنات لكونها شديدة السمّية على الحياة الفطرية بالاضافة الى حساب كميات زيوت المحركات وتدوينها في سجل كل سفينة تراقب من خلاله عمليات الإبدال أو الإضافات ، وتجهيز الموانئ بخراطيم لسحب المياه المتسربة الى داخل السفن ( اليعمّة ) ومنعها من التخلص منها في البحر إلا في الحالات الطارئة لسبب احتوائها على نسب عالية من زيوت المحركات والديزل ، وكذلك وضع أختام على مراسيها ومنع استخدامها إلا في الحالات الطارئة تحت إشراف مباشر من سلطات الموانئ ، وتوفير مرابط للسفن في المياه الإقليمية أو الأماكن التي تلجأ إليها السفن ومنع البحارة من النزول الى الجزر دون تصريح مسبق والأهم من ذلك توفير الموارد الكافية لإدارة هذه المهام .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *