آن الأوان لحماية المطلقات !

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

\”أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً\” حكمة تصح في السرعة توخياً للسلامة على الطريق، وقالوا أيضاً \”ما لا يدرك كله لا يترك جله\”، كل هذا كلام حكيم وجميل نحتاجه في مواضعه، لكن هناك أمور يصبح فيها التأخر غير مبرر وثمنه فادح، خاصة ما يتعلق بالعدل والإنصاف ورفع الظلم. أقول ذلك بمناسبة اللائحة التنفيذية الجديدة لقضاة التنفيذ المزمع تطبيقها خلال أيام، بهدف وضع حد لتهرب الآباء من نفقة الأبناء، وغير ذلك من أمور الأحوال الشخصية، واتمنى أن يتناول الإعلام اللائحة بالشرح والتحليل، وأهميتها في علاج قضايا ومآسي كثيرة تعكس ظلماً كبيراً من أحد الطرفين أو كليهما، وكأنهما عدوان لدودان وليسا زوجين سابقين بينهما أبناء من حقهم الأمان النفسي والاجتماعي والمادي، وتقليل فاتورة الطلاق قدر الإمكان.
إن قضايا الأحوال الشخصية هي أخطر مشكلات المجتمع، وللأسف اتسعت وتفشت أضرارها المادية والمعنوية القاسية، ولست هنا في معرض الحديث عن أسباب الطلاق، فعندما يغيب العقل وتتوحش الأنانية وتتغلب الطبائع الشرسة من أحد الطرفين أو كليهما، تكون كل الطرق (هاي واي) إلى أبغض الحلال دون إسعاف اجتماعي طائر من الأهل، لدرجة أن الطلاق أصبح عند البعض أسرع من البرق.. ومن قسوة الظلم أصبحنا نقرأ ونسمع عن حفلات فرح أقامتها مطلقات ابتهاجا بالخلاص والانفكاك، فهل هناك مؤشر خطر أكثر من هذا؟!! بعد أن كان الخلاف الأسري في الماضي يؤلم عائلة بأكملها والطلاق يهز الحارة كلها، ويسارع عقلاء وحكماء من أهل الزوج ومن أهل الزوجة للإصلاح.
إنه لمن المؤسف والمؤلم أن يمعن مطلِّق في انتقامه من مطلقته وأبنائها الذين هم ابناؤه، وأركز هنا على من يقطع النفقة أو يدفع شهراً ويمتنع أشهراً دون خشية من الله ولا استجابة لحكم ولا وساطة خير، والأعجب أن بعضهم ربما لديه أرصدة بنكية مثنى وثلاث ورباع، ومع ذلك يمتنع عن النفقة تجبراً وانتقاماً.بالقطع لسنا مجتمعا ملائكيا وإنما نحن بشر مثل أي مجتمع، فينا الصالح والطالح.. نفوس تتقي الله في أهلها، ونفوس أخرى مراوغة وعدائية، ترى قوتها في الظلم وراحتها في الانتقام، ونحمد الله أنه أخيراً سيتم تطبيق اللائحة الجديدة، ولكني هنا أشير إلى أمرين مهمين اتمنى تفعيلهما لحماية المجتمع، أولهما أن الأنظمة يا أهل التشريع لا يجب أن يتأخر صدورها حتى تتفاقم المشاكل وتخلف ضحايا وظلماً، بل ولا حتى حالة واحدة، ونحن عندما نأخذ بالتشريعات الوقائية مع قوة تنفيذها بحسم سوف تنصلح أمور كثيرة، فمعروف أنه \”من أمن العقوبة أساء الأدب\” حتى مع الأنظمة، والشواهد كثيرة على ذلك وأبسطها إشارة المرور. الأمر الآخر المكمل هو ضرورة نشر وتكريس ثقافة الزواج ومقومات استقرار الأسرة التي نراها تتراجع أمام أعيننا مع تغيرات اجتماعية عاصفة. قال تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *