ريحة أبو علي ولا عدمه
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]
كان ذلك ذات صباح من عام 1379هـ عندما أحضر ذلك الاستاذ الهادئ والخلوق مدرس التاريخ لتلك الحافلة وطلب منا طلبة مدرسة العلوم الشرعية الذهاب الى جبل أحد , كان الدرس ذلك اليوم عن معركة أحد فقرر أستاذنا خليل الرحمن ان يكون الدرس على الطبيعة فراح يشرح لنا : هنا كان موقع جيش المسلمين ومن هنا كان القائد الأعلى للجيش عليه صلوات الله يدير المعركة وهنا طلب من مجموعة الرماة الوقوف على هذا الجبل وحذرهم بعدم مغادرته سواء هزمنا أو انتصرنا .. وهنا أصيب سيد الشهداء والى هنا انسحب جيش المسلمين الى الجبل ومن هنا تسلل خالد بن الوليد الى جبل الرماة الذي كشف ظهر الجيش الاسلامي بترك الرماة للجبل.كان درساً محفوراً في الذهن وكان كبسولة مشبعة عن عشرات الكتب انه من واقع احداث تلك المعركة التاريخية.
ثم عرج بنا في طريق عودته إلى موقع موقعة أخرى وحدد لنا الموقع لمعركة الخندق الذي كان فيه جيش المسلمين من الجهة الشرقية للخندق الذي بدأ حفره من الجنوب حتى الشمال وهو الآن في موقع مخطط ارض الكردي وهنا صرع الامام علي عمرو بن ود العامري بعد ان قفز بفرسه الخندق من هذه النقطة.. طالباً المبارزة من المسلمين والرسول يقول \”من لعمرو واضمن له الجنة\” .. كان استاذنا رحمه الله يحدثنا عن الواقعة بالتفصيل الممل الذي لا يمكن ان يغادر عقولنا ابداً.
هذا – الاسترجاع – لحوادث التاريخ من خلال زيارة مواقعها الحقيقية وهي اماكن على امتداد الارض المباركة أمر في غاية الاهمية. فهناك اماكن غزوة بني قينقاع وهناك قصر ذلك اليهودي كعب ابن الاشرف وغيرها من الاماكن التاريخية الاثرية التي اندرست مع الاسف مع الايام.. والتي في الامكان العودة اليها الآن وتحديد اماكنها خلال هذا العام والمدينة تعيش عاماً استثنائيا كعاصمة للثقافة الاسلامية فهي تكاد تكون الوحيدة في \”المرجع\” التراثي الاسلامي الاول وليس غيرها .ولازلت اذكر ذلك الحوار الذي جرى مع كاتبنا ومؤرخنا الكبير السيد امين عبدالله مدني ذات عام مضى: عندما قلت له بعد حوار طويل اجريته معه عن اهتمامه بالتاريخ وبالذات تاريخ الجزيرة العربية وبالأخص الاخص المدينة المنورة وكان ايامها رحمه الله بدأ في كتابة سلسلة من المقالات في جريدة المدينة المنورة كان يناقش فيها موقع الطريق الذي كان يسلكه رسول الله صلوات الله عليه في ذهابه الى \”قباء\” سألته يومها عن اهتمامه بهذا النوع من الدراسة.
فقال يومها وهو يرتشف من كوب \”السحلب\” الساخن بحثا عن الدفء في ذلك الشتاء القارس الذي كانت تعيشه المدينة المنورة ايامها.
اسمع يا ابني: ان المحافظة على هذه الآثار يعني اهتماما بالتاريخ والاهتمام بالتاريخ يعني في عمقه معرفة الحقيقة ومعرفة الحقيقة هي هدف الانسان في الحياة، ومضى قائلا:ان المدينة المنورة تكاد تكون كلها \”تراثاً\” وهو تراث يمتاز عن أي تراث آخر لانه مرتبط بسيد الخلق صلوات الله عليه ويرتبط بصحابته الاجلاء فأنا عندما احقق بأن \”الرسول\” كان في خروجه الى قباء يسلك هذا الطريق وهو طريق سويقة \”سوق القماشة\” كما كنا نطلق عليه ايامها.. فهذا يعني ان هذا السوق له قيمته التاريخية . وهكذا بقية المناطق والاطام المليئة بها هذه الارض المباركة.
نعم – يا سيدي – \”القارئ\” انها مليئة بتلك الاثار الكريمة والتي بدأنا نفتقدها مع كل الاسف لقد درست معظم تلك الاثار أتت عليها عجلة التغيير والتطوير فكانت رياح التغيير التي هبت عليها لم تبقِ شيئاً الا قليلا وقليلا جداً من بقاياها فاصبحت أثراً بعد عين.
انها فرصة مناسبة والمدينة تعيش فعاليات المدينة عاصمة التراث الاسلامي ان نحقق في مواقعها بعد ان فاتنا المحافظة عليها وعلى رأي اهلنا في طيبة الطيبة ريحة أبو علي ولا عدمه.
•• آخر الكلام
•• ان الاهتمام بالتاريخ في اصله اهتمام بالذات ذلك الاصل الذي ينطلق منه الانسان الى مستقبله الزاهي والزاهر.
التصنيف: