[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رشا زكي[/COLOR][/ALIGN]

استوقفتني تلك العبارة ، أعنى عبارة \” بعد الشر \” ،والتي تدخل بشكل تلقائي في أحاديثنا نحن العرب وتخرج من أفواهنا كرد تلقائي وفوري إذا ما ذكر الموت أو أي مكروه نخاف أن يقترب منا ولا نتصور حتى حدوثه لنا . فإن هذه العبارة ملاصقة دائماً مع ذكر أى مكروه يخاف الإنسان حدوثه لنفسه أو لشخص عزيز لديه.
\” بعد الشر \” هي جملة على لسان كل فرد منا، اعتادت ألسنتنا على ترديدها دون أن نسأل أنفسنا ….ماذا تعني بالضبط هذه العبارة ؟؟!! وما حقيقة الشعور الذي ينتاب الفرد منا فيجعل اللسان ينطق بتلك الكلمتين ؟؟
إذا تأملنا قليلاً تلك العبارة لوجدناها متأصلة في ثقافتنا العربية على مر العصور، ويكاد لا يمر علينا يوم واحد، إلا وتنطق ألسنتنا بها. فإذا ذكر أمامك الموت أو المرض أو أي مكروه قد يصيبك أو يصيب أحد أفراد أسرتك \” لا قدر الله \” أقصد \” بعد الشر \” ، تجد نفسك تسارع بقول \”بعد الشر\” كما لو كان ذكر هذه العبارة بمثابة مانع من حدوث \” الشر \”.
مع أن الموت ليس شراً، بل هو حقيقة مؤكدة غير قابلة للشك فيها، ولكن الشر الذى نقصده فى مقولة \”بعد الشر\” هو الخوف من فراق و فقدان حبيب أو عزيز.
جدير بالذكر أن تلك العبارة ليست حكراً علينا نحن العرب، بل إنك تجدها مستخدمة عند الغرب أيضاً ولكن في نطاق ضيق للغاية تحت مسمى \” God forbid \”، ولكنها رغم وجودها إلا أنها نادرة الاستخدام. فهذه الشعوب لا يتملكها الشعور بالخوف من المستقبل كما يتملكنا، وليس أفراد تلك الشعوب عاطفيين مثلنا.
وذلك الشعور بالخوف من فراق الأحباب يرجع إلى طبيعتنا العاطفية، وأنا لا أنكر العاطفة على الآخرين، ولكن العاطفة عندنا نحن العرب أشد وأقوى.
\”بعد الشر\” ذلك الموروث الثقافي الذي اعتادت ألسنتنا على ترديده ، عندما يتعلق الأمر بشيء نخاف حدوثه أو مكروه لا نتصور أن نصاب به .
وإذا تأملنا هذه العبارة جيداً وتعمقنا قليلاً في تأثيرها في نفوسنا، لوجدنا أنها عبارة شديدة التناقض، فمن ناحية تعبر عن الخوف المتأصل فينا، وأعني هنا الخوف من المستقبل، ومن ناحية أخرى تحمل معنى التفاؤل بين أحرفها، فهي تمثل المرادف الشعبى للعبارة الدينية \” لا قدر الله \” والتي تعني التفاؤل خيراً بالله.
هل سألنا أنفسنا من قبل عن معنى تلك العبارة التي نرددها جميعا، وكيف أنها تحمل معنيين متناقضين في تفسيرها في آن واحد ؟؟
فنحن عندما نذكر عبارة \”بعد الشر \” فنحن نشعر شعورين متناقضين في نفس الوقت، شعور الخوف من حدوث مكروه وشعور التفاؤل في الله في عدم حدوثه.
وأخيرا أتساءل معكم هل هناك عبارات وجمل أخرى تتردد في أحاديثنا اليومية دون أن نتفكر فيها ؟؟ بالتأكيد هناك الكثير !!
وإلى لقاء قريب إن شاء الله.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *