روسيا والولايات المتحدة والعام الجديد

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إدوارد لوزانسكي[/COLOR][/ALIGN]

إن نتائج السياسة الخارجية، التي انتهجها الرئيس الأمريكي ـ باراك أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض، ليست أفضل من نتائج سياسة سلفه جورج بوش الإبن.
ذلك أن أهم ما ميز سياسة جورج بوش ووزيرة خارجيته ـ كونداليزا رايس، هو الهزيمة في العراق وأفغانستان، والفشل الذي مني به نضالهما من أجل الديموقراطية، وانهيار \”الثورات الملونة\” في الفضاء السوفيتي السابق.
أما أهم ما ميز سياسة باراك أوباما ووزيرة خارجيته ـ هيلاري كلينتون، فهو شرق أوسط غارق في الفوضى الدموية المنفلتة من كل ضابط، وعودة عملية \”إعادة تشغيل\” العلاقات الروسية ـ الأمريكية إلى نقطة الصفر، الأمر الذي يعني عملياً العودة إلى مرحلة الحرب الباردة مع روسيا، وتوقف الحديث عن انتصار الديموقراطية نتيجة لأحداث \”الربيع العربي\”. وغياب أي أفق للتوصل إلى تسوية للأزمة السورية، فلا أحد يعرف كيف يوقف الاقتتال هناك. وإقدام مجلس الشيوخ الأمريكي على منع البنتاغون من شراء المروحيات الروسية للاستخدام في أفغانستان، بحجة أن موسكو تبيع الأسلحة لسورية.
لقد فعلت هيلاري كلينتون الكثير مما يعتبره صقور السياسة الأمريكية إنجازا. لكن ذلك كله لم يحمها من اتهامات اللجنة الحكومية الخاصة، التي شُكلت للتحقيق في حيثيات الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي وتسبب في مقتل السفير وثلاثة من الدبلوماسيين. وهذا يعني أن هيلاري ستخرج ووصمة العار تلاحقها.
من الواضح أن حقبة سياسة إعادة تشغيل العلاقات الروسية ـ الأمريكية انتهت. وقد شكل \”قانون ماغنيتسكي\”، الذي اعتمده الكونغرس مؤخرا، نهاية هذه الحقبة.
قلة أولئك الذين عارضوا مشروع القانون في أثناء عملية التصويت عليه، من هؤلاء النائب الجمهوري ـ رون بول، الذي برر موقفه بالقول إن اعتماد مشروع القانون، سوف يسمح لحكومة الولايات المتحدة بأن تستعين بالمنظمات غير الحكومية لوضع القوائم بأسماء الشخصيات التي تستحق أن تشملها العقوبات. والمشكلة تكمن في أن هذه المنظمات ليست مخولة قانونيا للقيام بهذا الدور. ومن المعلوم أن غالبية هذه المنظمات تُمولها حكومات أو أحزاب سياسية، أي أنها لا يمكن أن تكون محايدة تماما.
وعلى الرغم من هذا المشهد السياسي السوداوي، فإن ثمة أنباء جيدة، تتحدث عن إمكانية تعيين السيناتور ـ جون كيرى وزيرا للخارجية. ومعروف عن هذا الرجل ميله إلى تغليب المصالح على التعصب الفكري في السياسة الخارجية.
ومن المؤشرات الإيجابية أيضا، الزيارة التي من المرتقب أن يقوم بها لروسيا الرئيس باراك أوباما. فأوباما في هذه المرحلة، يشعر باستقلالية أكبر لتحرره من حسابات الاستعداد لخوض انتخابات رئاسية، لولاية ثانية. وما يتعين عليه فعله في المرحلة الحالية، هو التفكير في الإرث التاريخي الذي سيخلفه. ومما لا شك فيه أن تحسين العلاقات مع روسيا سوف يحتل مكانا بارزا في سجل إنجازاته. ومن المؤكد أن أوباما يدرك أن التعاون مع روسيا لا غنى عنه لتحقيق نتائج ايجابية في بحث القضايا العالمية، سواء في مجال الأمن العالمي أو الاقتصاد. كما أن الولايات المتحدة، في معالجتها للكثير من القضايا الداخلية والدولية، ليست بحاجة إلى مشاكل إضافية تتمثل في استعداء روسيا.
ولهذه الأسباب مجتمعة، من المرجح أن تنعقد القمة المرتقبة في موعدها المحدد، ولا يزال، أمام القائمين على وضع جدول أعمالها، متسع من الوقت للتفكير في كيفية إنجاحها. ولكن، حبذا لو أن برنامج الزيارة لا يقتصر إعداده على المسئولين الحكوميين من البلدين، بل وعلى ممثلي منظمات المجتمع المدني الروسي والامريكي.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *