رحم الله العلامة الشيخ السبيل

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ. د. حسن بن محم سفر[/COLOR][/ALIGN]

ودعت العاصمة المقدسة مكة المكرمة علماً بارزاً من اعلامها قضى ما يقارب من اربعين سنة إماماً للمسجد الحرام فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل رحمه الله. وبوفاته بعد صراع مع المرض خسر الوسط العلمي من علماء الشريعة وطلاب العلم هذا العالم الفذ الذي يعد من كبار العلماء علمًا وفضلاً وخلقًا وسماحة عرف عنه التواضع والطيبة والخلق الرفيع، لم يكن متشددا بل رجل منفتح يقترب من الطالب قبل ان يقترب منه، له حلقة تدريسية في الحرم المكي الشريف يلتف حول كرسيه العلمي وحلقة التدريس المصلون والمعتمرون وطلاب العلم، يقبل عليهم بسمت وتواضع ويعطي مجالاً رحباً للسائل ويجيب بعبارات واجابات مبسطة مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة ويشير على السائل ان يسلك في اداء العبادات والتكاليف الخشية والخشوع واخلاص النية فهو يغرس في طلابه التقرب الى فعل الطاعات بقدر استطاعة العبد وخصوصا عندما يسأله الحاج او المعتمر عن مسائل في النسك واحكامه والعمرة ونوافل الطاعات، يعجب المستمعون للاجابات السديدة والحكمة الرشيدة من سماحته رحمه الله، فهو عالم متمكن عرف عنه العلم الغزير الواسع والبحث العلمي في كتب الفقه والاصول وله صياغة في قوالب الاجابة للسائلين يركز فيها على التأصيل الشرعي والجانب السلوكي والاخلاقي ويناقش طلابه في حوار ابوي، ودائم التشجيع لطلاب العلم لمعرفة الحق، ويقبل الآراء المخالفة ويناقشها مع حاضري مجلسه مع تواضع وانبساط ، فهو قريب جدا الى طلابه هكذا ادركنا دروسه في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر، ويمتاز رحمه الله في تعامله مع الصغير والكبير بالبشاشة والخلق والصفح، وله طابع يميزه عن غيره وهو عطفه على الفقراء والضعفاء الذين يلمحهم في اروقة المسجد الحرام وحين خروجه من باب الصفا وذهابه الى مكتبه في رئاسة الحرمين يستمع الى المقترح والشاكي ويرشد المتشدد بالحكمة والموعظة الحسنة فهو من رجالات الشريعة الافذاذ يواكب في فتاويه رحمه الله ضروريات الزمان ومتغيرات الاحوال والعيش مع العصرانية إيماناً منه بأن الاسلام وشريعته صالحة لكل زمان ومكان وان التشدد لا يزيد الناس الا نفورا، فالمعالجة بالاستقراء لاحكام الشريعة ومقاصدها والنهل منها هو هدف العالم لتلقين المتعلم والتأثير فيه، ولم يعتاد الناس في مكة المكرمة من الشيخ محمد بن سبيل رحمه الله الا السمت والخلق ومساعدة الناس، ولم يذكروه إلا بكل خير وحب، فهو من رجالات العلم الشرعي الذي غرس في الاجيال حب العلم والبحث فيه، له مؤلفات مفيدة ورسائل قيمة في السياسة الشرعية والجهاد والعقوبات والمعاملات كما انه له بحث قيم كلف بإعداده في دورة من دورات مجلس هيئة كبار العلماء وهو بحث بحكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية وقد استفاد العلماء وطلاب العلم والباحثون منه ومن غيره من المؤلفات.
فرحم الله هذه الثلة المباركة من العلماء الذين اثروا الساحة العلمية والشرعية والمنبرية وخدموا العلم وطلابه.
ولعلها فرصة ان اذكر اخواني ابناء الشيخ رحمه الله والذين تربطني بهم روابط المحبة والود ان يعتنوا بإخراج بعض المؤلفات لسماحته المخطوطة وخطبه المنبرية ليستفيد منها العامة والخاصة وهي ان شاء الله من الصدقات الجارية فرحم الله الوالد الشيخ محمد واسكنه فسيح الجنان والله الموفق.
*أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة جامعة المؤسس
عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *