قلب دفاع المملكة في العالم العربي
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]احمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]
في جميع الفرق لكرة القدم فإن كل لاعب له دوراً مهماً من اهم المراكز هو قلب الدفاع الذي يعمل ما يستطيع حتى لا يقوم الفريق المنافس بتسجيل اي اهداف ضد فريقه ولقد دعاني صاحب السمو الملكي الامير تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية الى مصاحبته في رحلة هي من اطول رحلات عمري حيث بدأت الرحلة من الرياض الى اوروبا ثم الى ريو دي جانيرو في البرازيل لحضور مؤتمر اقتصادي عالمي في هذه المدينة ليشارك فيه سموه بكلمة عن اقتصاديات المملكة العربية السعودية ولقد ذهلت بالكم الهائل من المسئولين والمحاضرين الذين كانوا يلتقون سموه ويحرصون على التحدث معه في شتى شؤون الاقتصاد ليس فقط في شرقنا العربي او عالمنا الاسلامي بل لمعرفة آرائه في اقتصاديات العالم بصفة عامة وكانت تربطه بكل هؤلاء صداقة حميمة قائمة على احترامه كمفكر ومحلل ومراقب لما يحدث في العالم من احداث ومتغيرات.
وكانت محاضرة سموه رائعة مثله تماما يتحدث عن هذه المملكة العظيمة وما تم انجازه خلال الثمانين السنة الماضية في مجال الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغير ذلك من التغير العظيم الذي طرأ على كافة جوانب الحياة فنقلنا من المؤخرة بين الامم الى وسطها امة متقدمة متحضرة تعيش مع طموحات شعبها من اعلى قمة الهرم فيه الى قاعدته يعملون يداً واحدة لتصل هذه المملكة الى مصاف دول العالم المتقدم.وانتهت المحاضرة لتنهال على اذان سموه الاسئلة من كل حدب وصوب وسموه يحاور هذا ويجيب ذاك بلغة انجليزية فصيحة وبروح مرحة وجدية في آن واحد تأسر مشاعر الحاضرين.
لقد عايشت سموه وهو يمضي الليالي الطوال في كتابة محاضراته وتصحيحها وما ان تأتيه فكرة جديدة فيدرجها في مكانها وقد لا تعجبه جملة فيزيلها او يغير مكانها كل ذلك على حاسوبه الصغير الذي لا يفارقه طوال الوقت وهو يبحث كما عهدته يوم عملت معه نحو ربع قرن يبحث دائماً عن الكمال او ما يقاربه ثم يحاور من حوله قبل القاء المحاضرة ليعرف رأي المقربين فيغير ما يتقنتع به من رأي ويثني على الرأي الحسن ويعرض رأيه فيما ذكرت ان كان يرى في رأيك ثغرة او ضعفا او احتمال سوء فهم فيناقش مناقشة العقل والمنفتح والعلم والثقافة العالية الراقية دون جدال او تعال او اعتزاز زائف او غير ذلك مما يخالج نفوس الكثير ممن يدعون العلم والمعرفة.وانتهت المحاضرة فحرص على حضور محاضرات الاخرين ليختار منها ما يهمه ويعتقد ان فيه اهمية ليعلمه ويناقش المحاضرين الاخرين او يرد على آرائهم سواء كانت ارائهم عنا او عن غيرنا كل ذلك بنفس عالية ولطف في الحوار تتوق اليه النفس دائماً.
انتهى المؤتمر وكنا نحلم براحة يوم ولكن سموه لم يحقق لنا ذلك الحلم براحة فقد غادرنا الى الولايات المتحدة الامريكية حيث تنتظر سموه اربع مدن يجري فيها مؤتمرات مختلفة كان هو المشارك فيها احداها مدينة واشنطن حيث حضرنا فيها مؤتمر المجلس الوطني للعلاقات العربية الامريكية.
قبل ذلك المؤتمر بيومين كان سموه يذهب الى مكتبه في جامعة جورجتاون ليلتقي مع اصحاب الفكر من بروفيسورات وغيرهم من الشخصيات العلمية الهامة كما كان يلتقي بالطلبة العرب الذين يدرسون هناك ويعملون على تحصيل الشهادات العليا كان يساعدهم في ابحاثهم ويجري معهم مقابلات بساعات وهو في منتهى السعادة لقد كانت امنيته عندما كنت اعمل معه ان يكون مدرساً في الجامعة لان حبه للعلم والتعليم لا ينتهي ابداً فهو يجد نفسه مع الباحثين كما يجد نفسه مع القراءة في الكتب ذات الفائدة فهو لا يحب ان يضيع وقته فيما لا طائل فيه.
في يوم محاضرته في واشنطن كان في لباسه العربي الجميل الذي يدل على فخره بالانتماء له وقف معنا ليفتشه المسؤولون عن الامن ورفض ان يعامل بغير ما يعامل به الباقون ويساير من يفتشونه الشيء الذي اذهلهم فسئلوا من هذا؟ ..وجاءت الاجابة ان هذا صاحب السمو الملكي الامير تركي الفيصل من المملكة العربية السعودية.
لقد جعل العالم يحترمنا ويحبونا لاننا لم نتعال عليهم ولم نميز انفسنا عنهم وعلمناهم معنى الخلق الجميل تكأكأ عليه الحاضرون وكان هناك اعداد كبيرة من الطلبة السعوديين واصر كل واحد منهم ان يشاركه بصورة فوتوغرافية وهو يبتسم لهم ويحدثهم ويباسطهم ويواعدهم ويعطي كل واحد منهم ما يجعله يعتقد انه الاهم لدى سموه وكانت المحاضرة رائعة عن المملكة الحبيبة باللغة الانجليزية وباللكنة الامريكية محاضرة كان فيها علم وتحليل وفكاهة وحسن دراية بما يقول وسيطرة على المحتوى واللغة فالله دره جعل الصالة التي كان يوجد فيها آلاف تعصف بالتصفيق والاكبار وكم هي كثيرة تلك العيون التي دمعت فرحاً من هذه المحاضرة التي جعلت الحاضرين يرون في بلادنا رمزاً عالمياً يستحق التقدير والثناء.
وفي التالي كان عيد الاضحى فلم يثنه ذلك عن حضور المحاضرات ومقابلة الاشخاص المختلفين ومع ذلك وجدناوقتاً كافياً لنذهب ونصلي العيد ونبارك ونهنئ المسلمين الذين امتلأت بهم ساحات المسجد والشوارع المحيطة به ومن ثم خرجنا من صلاة العيد وسلمنا على الامام وكل من كان في المسجد جاءوا ليسلموا علينا فنحن من بلد الله الحرام ونحن اهل مكة المكرمة والمدينة المنورة مقامنا في قلوب الناس عظيم كل هذه المشاغل لم تثنه عن الذهاب الى سفارة دولة البحرين ليشاركهم فرحتهم بعيد الاستقلال.
قضينا بعدها يومين في واشنطن امضاها سموه في مقابلة الطلاب وغيرهم في مكتبه في الجامعة حتى جاءت (ساندي) فأثرنا الخلاص بأنفسنا والاخرين من المطر الشديد والهواء العاصف وانقطاع التيار الكهربائي فبتنا في حركة محدودة جراء هذه العاصفة ومنعتنا من السفر الى (بستبرغ) لإلقاء المحاضرة هناك فأمضى سموه طوال الليل يحضر كل شيء ليلقي محاضرته عبر الشبكة العنكبوتية سكايب (skype) وفعلا تم ذلك في اليوم التالي وحضرنا عبر الاثير المؤتمر الذي تحدث فيه طلبة من السعودية في الدراسات العليا ومسؤولين عرب في دول عربية مثل ليبيا وغيرهم من طلبة الدراسات العليا في الجامعة ثم تحدث سموه حيث كانت ردود الفعل من اصحاب الجامعة ومن العرب والسعوديين بالذات كانت رائعة كما هو هذا الشعب الرائع.ومن هنا وبعد انقطاع غادر سموه الى (سان فرانسيسكو) ليحضر مؤتمر نادي المحيط الهادي كما كان لديه ايضا محاضرة في منتدى بعيداً عن السياسة في (سانتا مونكا) في جنوب كاليفورنيا.كان هذا مختصراً عن رحلة طويلة جميلة شاركت فيها بمزيد من الاعتزاز والفخر والشرف بالانتماء لهذه المملكة العظيمة باركها الله وحفظها واقول لسموه لله درك يا ابا فيصل ووفقك سبحانه وتعالى لكل ما يحب ويرضى.وآخر دعونا ان الحمد لله رب العالمين
التصنيف: