هل نحن نكره الأمريكان؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد الأنصاري[/COLOR][/ALIGN]

خلال ثلاثة أسابيع منصرمة قضيتها بالتنقل بين الولايات المتحدة الأمريكية بسبب اشتراكي في \”برنامج القيادة الدولي\” الذي نظّمته إدارة الدولة بوزارة الخارجية الأمريكية لعدد من الصحفيين في العالم، حيث تمّ ترشيحي من قبل السفارة الأمريكية بالدولة مع زميل آخر من مركز الدوحة لحرية الإعلام وذلك لنكون ضمن مجموعة صحفيي الدول العربية المشاركين في البرنامج وذلك بهدف التعرّف على السياسة الأمريكية بشكل عام، والاطلاع على تجربة الانتخابات الأمريكية بشكل خاص ومن منظور إعلامي، مع فرصة مناقشة أصحاب القرار والمسؤولين الأمريكان وطرح وجهة النظر الإعلامية العربية.
ومن حظّي أن مجموعتي ضمّت عشرين صحفيًّا جاؤوا من أربع عشرة دولة عربية مختلفة فمنهم من جاء من مصر وفلسطين والأردن ولبنان والإمارات والمغرب والجزائر والعراق والبحرين والسعودية وتونس وعمان واليمن وقطر. وعلى امتداد أيام البرنامج التي تخللها ورش عمل وزيارات ميدانية لمؤسسات إعلامية أمريكية دولية ومحلية ومناقشات دامت مع شخصيّات مسؤولة، كانت الآراء بيننا كإعلاميين متباينة ومختلفة عن أي موضوع يتمّ تناوله، كما برزت بشكل واضح أطروحات زملائي الصحفيين لمناقشة قضاياهم الوطنية الظاهرة على السطح، فطرحت كثيرًا من القضايا مثل القضية اليمنية وما حدث من تغيّر هناك، كما أن القضية الفلسطينية كان لها نصيب الأسد من المناقشات، حتى تمّ الطلب من البعض بالاختصار أو توجيه الأسئلة مباشرة للمتحدّث استغلالاً للوقت، وليتمّ إتاحة الفرص لأكثر من شخص للمشاركة.
كثير من الشخصيات الأمريكية التي تمّت مناقشتها كانت منفتحة وتقبّلت النقد بصدر رحب ولا أذكر أن هنالك أي مسؤول اعترض على سؤال أو ملاحظة، بل الكثير منهم اعترف بتحيّز النظام السياسي الأمريكي لإسرائيل مقدّمين عدّة مبرّرات المقبول منها والمرفوض من وجهة نظر المشاركين، وفي اعتقادي الشخصي أن اللوم كل اللوم يقع على عاتقنا نحن العرب فكم من سيناتور أمريكي ذكر أنه يأتي إلى مكتبه صباحًا ليجد على مكتبه ملفًّا كاملاً متكاملاً من قبل مسؤولين يهود كانوا قد قاموا بواجبهم ليلاً ليُبرّروا فيها أي هجوم أو قضية تكون بينهم وبين الفلسطينيين \”يعني العلة فينا\” ناهيك عن استحواذ اليهود على وسائل الإعلام وتقديرهم للإعلام، عكسنا نحن العرب فكما.. وهنا أنقل عن الأمريكان، فإن اليهود ممتازون في توصيل رسائلهم عن طريق التقارير أو المقالات وحتى الصور إلى الإعلام العالمي عكس ربعنا العرب يكونون في سبات شتوي عميق ولا يفيقون إلا وقت الضرب \” وقت الحزّة\”.
ما لاحظته انحصار اهتمام كثير من الشعب الأمريكي على همومه الخاصّة مثل الضرائب والتعليم والصحة وغيرها وكأرباب أسر أو عائلات دائمًا ما ينصبّ على متابعة الأخبار المحلية وأحوال الطقس وما إلى ذلك من أخبار تُلامس حياتهم اليومية متجاهلين ما يدور في العالم الخارجي خاصّة البعيدة عن القارة الأمريكية.
لكن بعد تلك المدّة ما لمسه الجميع من ودّ الشعب الأمريكي وسهولة في التعامل إضافة إلى حبّه للاستفسار والاطلاع تبيّن لدى أغلب المشاركين حتى الذين كانوا يُكنّون الغلظ للأمريكان بسبب موقف حكومة الولايات المتحدة من دولهم، أننا نختلف مع كثير من سياسات النظام الرسمي الأمريكي لكن بالنسبة للشعب فهو كغيره لا يُكنّ الضغينة ولا الحقد لأي شعب بعينه وهذا بدا جليًّا خلال الكلمات القصيرة التي اختتم بها الإعلاميون البرنامج والتي عكست مدى اتضاح الرؤية لهم أكثر خاصّة بعد ارتياحهم وتوصيل الرسالة التي أتوا من أجلها إلى عدد من أفراد الشعب مباشرة وتعرفوا على الجانب الآخر لأمريكا، فعلى عكس مداخلاتهم في الأيام الأولى من البرنامج التي كانت سلبيّة جدًّا اتجاه أمريكا والأمريكان لتتبدّل إلى الشعب الأمريكي الصديق، فالسؤال المطروح هل نحن نكره الأمريكان؟ أم نكره السياسة الأمريكية؟ والإجابة عن السؤالين رأيتها اختلفت في أعين الصحفيين المشاركين في البرنامج من بدايته وعند نهايته، فسبحان الذي يُغيّر ولا يتغيّر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *