[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الشــيخ ياســين الأســطل[/COLOR][/ALIGN]

الآجال أيامها معدودة، و صالح الأعمال فيها محدودة، ولكنّ كثيراً من الناس لا يعلمون، يضيعون أثمن ما ينفقون من الأعمار، ويفسدون خير ما يكسبون من الأعمال، لولا التذكر والتذكير، فمن رحمة الله أن الإسلام ذكرٌ وذكرى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له الله:{إنما أنت مذكر}، وقد بقيت يا إخوتاه من رمضان جمعة، ويوشك رمضانُ أن يذهب بصحائف العمل، ويا ويح من غلبه التواني وأعجزه الكسل، والعبرة بالخواتيم، فلنبادر بختام المسك، ولنلتمس خير الليالي، فهذا أوانها بخير العبادة، وبما جاء به القرآن، وبما جاءت به السنة، وعلى ما عمل العاملون، فمن أدرك ليلة القدر في العشر فقد أدرك الخير كله، ومن فاتته فقد فاته خيرٌ عظيم، فأنتم أيها المسلمون الصائمون في سوق لا كالأسواق، وعملٍ لا كالأعمال، فالسلعة أغلاها الرحمن، وشمر للفوز بها أهل الإيقان، فما ثمَّ راقدٌ منهم ولا كسلان، الشهر شهركم آذن بالتحويل، والليل ليلكم جاء في التنزيل، إن صدقتم باب الريان الملتقى، فلنبادر قبل انقطاعِ الحيلة، أو الموتُ فإنه يأتينا غِيْلَة،.. ويرحم الله القائل:
يا من بدنياه اشتغل.. قد غره طول الأمل
أولم يزل في غفلةٍ.. حتى دنا منه الأجل
المـوت يأتي بغتةً.. والقبر صندوق العمل
إخوة الإسلام، أيها الصائمون: قال الله تعالى في سورة الفجر: { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) }. قال الإمام عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي – رحمه الله – في تفسيره تيسير الكريم المنان:(ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام) اهـ.
والجدُّ والاجتهادُ يا عبادَ الله والتشميرُ في العبادة وقيامُ الليل من أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان، فقد جاء في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد والسياق سياقُ البخاري قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: \” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ \”.
قال الإمام البغوي في شرح السنة: (قال أبو سليمان الخطابي: شد المئزر يتأول على وجهين: أحدهما هجران النساء، وترك غشيائهن، والآخر الجد والتشمير في العمل. قال رحمه الله: يقال شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له وعلى الأول كنى بذكر الإزار عن الاعتزال عن النساء، ويكنى عن الأهل بالإزار واللباس) اهـ.
وبلغ يا عباد الله من حرص السلف رضي الله عنهم على الاجتهاد في العشر الأواخر لاسيما الوتر منها لموافقة ليلة القدر ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: (رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَرُشُّ عَلَى أَهْلِهِ مَاءً لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ.
وقال ابن أبي شيبة: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ.) اهـ.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *