لصوص تويتر…المحتسبون الجدد !!

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]خالد عوض العمري[/COLOR][/ALIGN]

قد يبدو واقعياً أن يتحول الاختلاف الفكري إلى صراعٍ يحاول فيه طرفٌ أن يُسكت بقية الأطراف,ولكن ماليس أخلاقياً أن يقوم أفرادُ طرفٍ من الأطراف باجتراح أفعال لا أخلاقية في ظل دعاويهم المستمرة بالدفاع عن الإخلاق والفضيلة,وقد حدث في تويتر في الأسابيع الماضية سرقاتٌ بالجملة للحسابات الخاصة بكثيرٍ من الكتاب والمثقفين والمهتمين بالشأن المحلي,وفي كل مرة تتم سرقة أحد هذه الحسابات الشخصية كان اللص يعلن أنّه فعل ذلك للدفاع عن الدين والفضيلة وللجم الليبراليين الضالين عملاء التغريب,وليس ينقضي العجب ممّن يزعم الدفاع عن الدين بالسرقة والكذب والاعتداء,وقبل الدخول في تفاصيل العقلية المظلمة التي أنتجت هذا الخلل والتناقض بين القيم التي يزعمون الدفاع عنها وبين الوسائل التي يستخدمونها في دفاعهم,يجب التنبيه على عدم وجود أي تعدياتٍ تذكر على حسابات هذه الفئة المتشنجة من قبل من يختلف معهم من الليبراليين والعلمانيين,فهؤلاء الذين يزعمون أنّ العالم كله يتآمر عليهم وأنّ الليبراليين يعتدون عليهم لازالوا ولازالت حساباتهم في مأمنٍ لم يتعرض لها أحد,وهذا مقياسٌ يدلّ على القيم الأخلاقية لكل فريق.
المشكلة الرئيسية التي تشّكل فكر فئة لصوص تويتر هي فرضية صوابهم المطلق,فهذه الفئة تعتقد أنّها تملك صواباً مطلقاً في كل أفكارها وأحكامها وأنّ جميع من يختلف معها ولو في تفصيلاتٍ صغيرة يصبح هدفاً مباحاً لظلمهم وتعديهم ولصوصيتهم,وقد أفتاهم أحد عرّابيهم بأنّ سرقة هذه الحسابات الشخصية قربةٌ إلى الله لأنّه من باب اتلاف المحرمات كالمعازف وأواني الخمر ومافي حكمهما!! ولذلك فهؤلاء اللصوص وعلى عكس أمثالهم لا يشعرون بالخجل والخزي بل يشعرون بالفخر والشرف عند قيامهم بأعمال اللصوصية والاعتداء,ولا شك أنّ هذه المرحلة من الضيق بالمخالف واستحلال إلحاق الأذى به والتعدي عليه لا تكون إلاّ في تلك العقول الجاهلة التي بلغت نهاية الجهل وغايته,ولا تكون إلاّ في النفوس المريضة التي لا تقيس الأمور بعدالتها وصوابيتها وإنّما بميلها وهواها,فربنا سبحانه وتعالى يقول\”ولا تجسسوا…\” ويقول سبحانه \”ولاتعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين\” ,ومع ذلك يقوم هؤلاء الذين يدعون البحث عن رضا ربنا سبحانه بالتجسس والاعتداء والظلم والبغي تحت دعاوى واهيةٍ وحججٍ ضعيفةٍ فيها من الهوى والتمحك أضعاف مافيها من العدل والصدق. فالحقيقة أنّ من يدعي أنّ الدين الإسلامي العظيم في خطرٍ لأنّ بضعة كتّابٍ يهاجمونه أو بضعة أشخاصٍ يرتدون عنه هو من يسيء للدين ويتهمه بالضعف والهشاشة,فليس بدينٍ ما تقوّضه بضع مقالاتٍ وشُبه,وليس بمؤمنٍ من يظن دين الله الخاتم والقويم أوهن من بيت العنكبوت,ولذلك فالطريقة الوحيدة لمن كان يعتقد بوجودٍ خطأ ما أن يبادر إلى مقارعته بالحجة والفكر وليس باللصوصية المتسترة في أسمال التدين والفضيلة أمّا إن كان الهدف ليس نصرة الحق والانتصار للعدل فليكف هؤلاء اللصوص عن ذكر الدفاع عن الدين والذبّ عنه وليعترفوا أنّ دافعهم لايتجاوز الانتصار لحظ النفس والتشفي بالمخالف.وقد كان منهج القرآن الكريم في الرد على الشبه والأباطيل واضحاً وعادلاً فقد كان ربنا سبحانه يورد شبه أعدائه وأكاذيبهم ثم يرد عليها ويفندها بالمنطق والفكر والحجة,فلم يمنع القرآن الكريم ذكر هذه الأباطيل ولم يقم بطمسها أو حجبها وهذا هو المنهج العادل والواثق بعدالته وصوابه,فذكر قولهم أنّ يده سبحانه مغلولة وأنّ رسله كذابون وسحرة وكهنة وشعراء ثم رد على ذلك وفق منهج الصدق والعدل والرفعة.
بالنسبة لقانون الجرائم الإلكترونية وتفاصيله ومدى فعاليته ومدى ملاءمة عقوباته لجرائم انتهاكات الخصوصية الإليكترونية فسوف يكون هناك مقالٌ آخر للحديث عنه,فما يهمني هنا هو تناول موضوع هؤلاء اللصوص من الجهة الدينية والأخلاقية التي يزعمون أنّهم ينطلقون منها ويهتدون بها.

Twitter: @knfalamri
facebook.com/knfalamr

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *