مراقبون دوليون في سورية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]يلينا سوبونينا [/COLOR][/ALIGN]

تبعث عملية نشر المراقبين الدوليين في سورية على الامل باحتمال حل النزاع في اطار القانون الدولي المعمول به. وقد تبنى مجلس الامن التابع لهيئة الامم المتحدة بالاجماع قرارين بشأن المراقبة الدولية، وهما القرار 2042 المؤرخ في 14 ابريل/نيسان والقرار 2043 المؤرخ في 21 ابريل/نيسان. ويتوقف الامر الآن على قدرة ورغبة السلطة السورية والمعارضة في الاستفادة من هذه الفرصة الاخيرة التي تسمح لهما بالحيلولة دون وقوع حرب اهلية طويلة قد تؤدي الى اضطرابات جديدة في المنطقة كلها.
على كل حال فان السلطة تتحمل مسؤولية اكبر عما يحدث بالرغم من رغبة البعض في وضع قسم متكافئ من المسؤولية على المعارضة المتفرقة.
وقد جاء في البيان الصادرعن قمة عام 2005 للامم المتحدة ان كل دولة يجب عليها حماية سكانها. وترأس فلاديمير بوتين الوفد الروسي في تلك القمة. ولم تتم صياغة مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي اعلن آنذاك على شكل قانون. لكن المجتمع الدولي بصفته جهة من الجهات المسؤولة يرجع اكثر فاكثر اليه عندما يواجه ازمات من شتى الانواع.
هناك تساؤل آخر: هل يعتبر المجتمع الدولي نفسه جاهزا لاتخاذ خطوات نشيطة كما تعهد، بغية حل الازمات اذا اقتضى الامر بتدخل خارجي؟ وهل يكون هذا التدخل عسكريا حتما؟. واخيرا فان زعماء الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة اتفقوا انذاك على ان مثل هذه الخطوات يجب ان تكون جماعية وتستند اذا اقتضى الامر الى قرارات مجلس الامن الدولي.
وقد استخلص العالم هذه العبرة من حرب عام 2003 التي بدأتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في العراق دون ان تحصل مسبقا على تفويض من قبل مجلس الامن الدولي، مستندة الى ذريعة وهمية. والمقصود بالامر هو سلاح الدمار الشامل الذي لم يعثر عليه لحد الآن(في العراق).
ويعتبر الوضع في سورية وضعا اعقد . وكانت روسيا والصين قد استخدمتا حق النقض مرتين في 4 فبراير/شباط الماضي و5 اكتوبر/تشرين الاول الماضي بشأن مشروع قرار مجلس الامن الدولي. .
وقد بين مثال ليبيا ان تغيير النظام والقاء القبض على دكتاتور وإعدامه دون محاكمته يعتبر اليوم كل ذلك امرا ابسط من مراعاة احكام القانون الدولي، بما فيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة الوطنية. والامر الاصعب من ذلك هو التماشي مع حجج كان الخبراء الدوليون الدارسون تلك المشكلة قد وضعوها على شكل توصيات لتبرير هذا التدخل.
هناك 5 – 6 حجج . ومن بينها \”حساب العواقب\”. ويعني ذلك ان عواقب التدخل يجب الا تكون اسوأ من عواقب عدم اتخاذ اي شيء من الخطوات او \”اللامبالاة الحازمة\” على حد تعبيرالدبلوماسي والشاعر الروسي فيودور تيوتشيف الذي اعتبر مثل هذا الموقف موقفا مبررا ازاء ازمات دولية معقدة في حال انها لا تهدد روسيا. وذكر تيوتشيف هذا الموقف في مراسلاته منذ 150 سنة. ويقتبس زملاؤه الدبلوماسيون الروس تعبيره هذا عندما يضطرون الى اتخاذ موقف حيادي من هذه المشكلة او تلك.
نشهد الآن صياغة قواعد لعب جديدة وظهور مراكز جديدة للقوة. ومن اجل الحفاظ على \”الوضع كما هو\” يقتضي الامر بذل جهود كبيرة.
ان خطر نشوب حرب اهلية واسعة في سورية كبير، ويمكن ان ينتقل الحريق الى دول مجاورة. وتكمن الخطورة ايضا في ان النزاع قد يكتسب صبغة دينية.
وتعتبر خطة الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان بشأن سورية وقرارات مجلس الامن الدولي بنشر المراقبين الدوليين بمثابة الاحتمال الثاني ، أي محاولة لتفعيل الامكانات المتوفرة في القانون الدولي. وقد ساعد في ذلك الوضع المعقد في هذا البلد الذي تعيش فيه طوائف كثيرة ويحيط به جيران غير بسطاء.
ويتأخر الزعيم السوري كل مرة باتخاذ خطوات نصفية . والامر الاهم من ذلك هو انه يتخذ تلك الخطوات على خلفية العنف المستمر.
هل سيتمكن 300 مراقب دولي لا يحملون السلاح يتم نشرهم الآن في سورية من ايقاف الاقتتال؟ وتدل التطورات الاخيرة على ان ظهور المراقبين الدوليين في بعض المناطق السورية أثر إيجابا، لكن ليس في كل مكان. ويبدو ان هذا العدد من المراقبين غير كاف. ولا بد من زيادة تعداد البعثة الدولية. ولعل سورية بحاجة الى جنود حفظ السلام .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *