الليبرالية السعودية بين كماشتي التعصب الديني والقبلي

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سعد ال سالم[/COLOR][/ALIGN]

الليبرالية كما ورد تعريفها بالويكبيديا (Liberalism‏) مشتقة من كلمة ليبر (liber) وهي كلمة لاتينية تعني التحرر . وتعتبر حركة وعي سياسي اجتماعي داخل المجتمع , تهدف لتحرر الإنسان كفرد أو كجماعة من كافة القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية ) وقد تختلف وفق ظروف أي مجتمع يتبناها حسب ظروفه وطبيعته . والليبرالية بالمفهوم الفلسفي تقوم على الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود إلا ما كان فيها تجاوز لحريات الآخرين على قاعدة ( تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين) .
ويقول (مل ) الذي يعتبر من أبرز المفكرين الغربيين الذين نظروا للفلسفة الليبرالية من خلال كتابه (on librty) عن الليبرالية كي لا تكون انفلاتيه : \”كلما تعين ضرر واقع أو محتمل, إما للفرد وإما للعموم ينزع الفعل الذي يتسبب في الضرر من حيّز الحرية ليلحق بحيّز الأخلاق أو بحيّز القانون\”.
ويقول :\”إن ما يخص الفرد وحده هو من حقوقه , ومايخص المجتمع فهو حق للمجتمع\”.
وبالنظر إلى ماذكرناه عن الليبرالية كمذهب فكري فإننا عندما نريد أن نتحدث عنه في واقعنا السعودي خصوصاً بعد أن أصبح مصلطح الليبرالية متواجداً بقوة على الساحه الفكرية رغم عدم تواجد أسماء معروفه قد نستدل بها في حديثنا فالليبرالية السعودية لازالت غير ناضجة وليست واضحة المعالم حتى الآن وإن سلمنا بوجود مثقفين يقفون مع هذا الجانب الفكري فلن يجد الباحث عن الليبرالية في السعودية سوى مواقع يمارس فيها العبث الفكري وهي بعيدة كل البعد عن المنهج الليبرالي وكذلك لن يجد كتابا يوضح ماهية الليبرالية السعودية أو كيف يمكن أن تكون متعايشة مع مجتمع متدين وقبلي بأغلبه .
موقف أغلب الإسلامويين بالسعودية موقف مضاد نحو الليبرالية وذلك ليس لأسباب تتعلق بحفظ الدين بل لخوف البعض منهم من وجود المشاركة الاجتماعية لأي تيار آخر يخالف منهجه الفكري الأحادي فمجرد اللفظ لكلمة ليبرالي كفيلة بشن الهجوم على من يتبناها وقد يصل الأمر إلى تكفيره وإخراجه من دائرة الإسلام لدى بعض المتشددين وذلك لسوء الفهم وعدم المعرفة لما تعنيه الليبرالية وتجد الكثير من العامة ينجرف خلفهم واللوم هنا لا يقع على رجل الدين المتشدد فقط بل يشاركه فيه الليبرالي السعودي لعجزه عن تعريف المصطلح والمنهج الذي ينطلق منه بوضوح أكثر أمام العامة الذين في حالة بحثهم لا يجدون أمامهم إلا مواقع سيئة الطرح وأغلب مواضيعها لا تتوافق مع الحرية بل تجدها محاربة للتشدد الديني فقط والتي قد يفهم منها القارئ البسيط أنها تحارب التدين بأكمله وأيضاً تجدها تمارس الإقصاء ضد أي مخالف لأطروحاتها وهذا ينافي أبسط المبادئ اللتي تقوم عليها الليبرالية وهنا تجد حتى المثقف من هذا المنطلق يقف محارباً لليبرالية المشوهة كما فعل الدكتور الغذامي في عدة أطروحات له بهذا الخصوص .
لذلك نجد هناك من يطلق على نفسه \”مسلم ليبرالي\” كي يخرج من إطار التكفير والاتهام ولكن هذا المصطلح لا يعني أن من تلبسه خرج من الإطار الضيق لليبرالية السعودية أو أنه سينجو من سياط الانتقاد الموجهة لليبراليين السعوديين خاصة من رجال الدين المتشددين بل سيكون عليه تبيان المنهج الذي يقوم عليه ليكون واضحاً وجلياً للجيمع , فالركون في الظل تحت مسميات لا يجدي نفعاً ولا يؤسس حركات فكرية تكون ذات قيمة وتأثير اجتماعي .
وقد انشغلت الليبرالية السعودية عن تكوين فكر واضح وصريح لها بسبب محاولة إقناع المندفعين خلف التيار الإسلامي المتشدد بنفسها أحياناً وبين محاربة المتشددين الإسلامويين بالغالب وتوقفت عند هذه النقطة التي شوهتها كثيراً وجعلتها تصل إلى ماهي عليه من الإسفاف الموجود بمواقعها .
وهناك تجاهل من الليبراليين بالسعودية لأهم مكونات المجتمع وهي القبيلة وكيف يمكن أن تتعايش مع هذا الفكر الفلسفي خصوصا أن القبيلة هنا لازالت تعاني من عدم تخلصها من أشياء كثيرة بسبب تشبث بعض أبنائها بالتاريخ مما أوجد بعضاً من أنواع العنصريات والتعصب وغيرها من الآثار السلبية للقبيلة والتي لست بصدد ذكرها هنا ولكن ذكرتها لأهمية القبيلة كإحدى المكونات الأساسية بالمجتمع وعدم توافق بعض مبادئها بشكلها الحالي مع الليبرالية، فيستحيل أن يقبل ابن القبيلة بالنقد لقبيلته وفق حرية التعبير اللتي تتبناها الليبرالية كأبسط مثال لذلك وغيرها الكثير من الأمثله التي تعارض فيها القبيلة الفكر الليبرالي .
من هنا يجب على المنتسبين لهذا التيار الفكري أن يبدأوا بدراسة أوضاع المجتمع جيداً ومن ثم رسم التصور الكامل لما يريدون عليه إيجاد ليبرالية تتعايش مع مكونات المجتمع الإسلامي القبلي بأغلبه وحينها سيكون هناك دور بارز لوجودهم وقبول اجتماعي قد يجعلهم مؤثرين وقيادين للحراك الفكري والاجتماعي بشكل أكبر وأقوى .
Saadalsalem
تويتر

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *