الطمأنينة .. والقلق والفوضى

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]موسى معرفي [/COLOR][/ALIGN]

في محيطنا الضيق والمحدود وهو العائلة الواحدة، المكونة من الأب والأم والأبناء، هناك وجهات نظر مختلفة تجاه مناحي الحياة وما نتعرض إليه يومياً، وهذه سنة الحياة وهبة الله لنا، نحن البشر، بهذا العقل الذي نفكر به، ومن خلاله نستلهم الحلول المختلفة لمواجهة ما نتعرض إليه في حياتنا. ويرى الكثير من إخواننا المحامين كيف تتطور الخلافات في العائلة الواحدة، وتصل إلى قاعات المحاكم ليحكم بها القاضي.
المهم في الأمر والمؤسف هو أنه قد تتطور هذه الاختلافات في الكثير من الأحيان إلى انشقاقات في كيان العائلة الواحدة، مما تؤدي إلى القطيعة بين الأب والأم وفي ما بين الأبناء ووالديهم، وفي النهاية قد يشق الإخوة والأخوات، وهذا على مستوى العائلة التي لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة، فكيف بالنسبة للعائلة الكبيرة وهي المجتمع الذي نعيش فيه نحن – المواطنين – في إطار الوطن الواحد؟.
إنه من المؤسف أيضاً أن الكثير من الناس لا يستوعبون أن الأمر مختلف تماماً بالنسبة لنا كمواطنين يعيشون في ظلال وطن واحد، يجمعنا في حضنه وحنانه الدافئ الدائم، الذي نحن بحاجة إليه، وقدرنا أن نستمر مهما اختلفنا في الرأي، ولكنه شيء غريب أن الكثيرين منا لا يقدرون هذا الأمر ولا يستوعبونه. فليس هناك اختلاف مطلق أو اتفاق مطلق، فقد قال الإمام الشافعي بما معناه \”رأيك صواب يحتمل الخطأ، ورأي آخر خطأ يحتمل الصواب\” فالحياة ليست لوناً واحداً، حتى البشر أيضاً يختلف لون بشرتنا من الأبيض بدرجاته، والأسود بدرجاته، وفي ما بينهما درجات ألوان كثيرة، وفي الطبيعة أيضاً نلاحظ ألوان الطيف، فهي درجات بين اللونين الأبيض والأسود.فلنبسّط الأمور بالتحليل الهندسي بحكم مهنتي، فنشبه الاختلاف في ما بيننا بصحن فارغ، في حين أن ما نتفق عليه قطرة ماء صغيرة في هذا الصحن التي هي روح الحياة، التي وهبها الله لنا.
ما ينبغي العمل عليه باستمرار هو ألا نزيل هذه القطرة المائية من هذا الصحن، بل من الأهمية أن نستمر نضيف إليها نقطة أخرى بين الحين والآخر، لكي لا تجف، ومن هنا، فإن نقطة الماء الوحيدة التي كانت في الأساس في هذا الصحن، وهي كما ذكرت ما نتفق عليه، قد كبرت وغطت الصحن، وبما معناه أن من الواجب علينا، ونحن أفراد المجتمع، أن نترك الخلاف جانباً، ونعزز روح الاتفاق لتكبر الأمور المتفق عليها، وتغطي الخلافات لتزول مع الوقت، ويسود التآخي والوئام بين أفراد المجتمع، لننعم بالأمن والحب في ما بيننا، لتستمر الحياة بسلام في بوتقة الوطن الذي يجمعنا.إن الله عز وجل قد أعطانا العقل لنفكر به، بهدف إثراء حياتنا بالطمأنينة، بدلاً من استعماله لبث القلق والفوضى في ما بيننا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *