[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فريدة العبيدلي[/COLOR][/ALIGN]

برزت في السنوات الأخيرة في مجتمعاتنا الخليجية المستقرة الآمنة المشهود لها بوحدة الأسرة وتماسكها، مشكلة اجتماعية أسرية تشكل شرخًا عميقًا يزلزل كيان الأسرة ويضر بوحدتها ، ويحدث صدمة وذهولاً يلف مختلف أطرافها بما فيهم الفتاة نفسها، المحزن في هذه المشكلة إنها تنخر في عضد الأسرة والمجتمع لما تحمله في طياتها من أبعاد ودلالات اجتماعية تشكل منحى خطيرًا يستوجب التصدي له. مشكلة هروب الفتيات من بيوت أسرهن دون تفكير في عواقب ما قد يحدث، بدأت بحالات بسيطة تعد على أصابع اليد ثم أخذت في التزايد بصورة ملحوظة تستدعي الوقوف عندها ودراستها للوصول لحلول جذرية ناجعة تعمل على معالجتها.
تحدث هذه المشكلة في ظل ظروف وأسباب متعددة يعود بعضها للأسرة نفسها وأخرى لعوامل محيطة مؤثرة ويأتي في مقدمتها غياب لغة الحوار الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة، والتمييز في المعاملة بين الأبناء، وقسوة الأبوين أو أحدهما ولجوؤهما للعنف كوسيلة للتعامل مع أبنائهما ما يعرض الفتاة لعدم استقرار نفسي وحرمان عاطفي يدفعها للبحث عن الأمان في مكان آخر. ناهيك عن التفكك الأسري وانشغال كل فرد بمشكلاته دون الالتفات إلى احتياجات الفرد الآخر إلى جانب كثرة الخلافات الأسرية والمشاكل التي تحدث بين الأب والأم وغياب القدوة الحسنة، وشيوع جو أسري مضطرب ينعكس سلباً على شخصية الفتاة ويجعلها في حالة قلق نفسي وتفكير مشتت يدفعها لاتخاذ قرارات سلبية دون تفكير في العواقب، يساعدها في ذلك قلة الوازع الديني وانعدام الثقة في النفس.
إلى جانب الأسباب سالفة الذكر تأتي مشكلة الفقر وتدني المستوى المادي للأسرة وعجز الأسرة عن توفير كافة متطلبات الفتاة وعدم اقتناعها بوضعها الذي تعيشه ما يدفعها للهرب والبحث عن مصدر يهيأ لها سبل العيش الذي تنشده.وتدخل أساليب التنشئة الاجتماعية المضطربة والمتذبذبة بين القسوة والدلال الزائدين إشكالية تدفع الفتاة لانحرافات فكرية وسلوكية تنعكس على شخصيتها فتكون عرضة لتأثيرات الآخرين وبالذات أصدقاء السوء.
إجبار الفتاة على الزواج ممن تختاره أسرتها زوجًا لها ورفضهم من تختاره هي أحد الأسباب الرئيسة في مشكلة الهروب .ويضيف سوء استخدام التقنيات المتطورة الواسعة الانتشار في مجتمعاتنا الخليجية من إنترنت وهواتف نقالة وخلافه سببًا من أسباب الهروب إذا صاحبها ضعف الرقابة الذاتية.
أسباب الهروب متعددة ولا يتسع المجال لذكرها هنا ، ولكنها جميعًا تتطلب حلولاً جذرية لا تتأتى إلا من خلال تبني استراتيجية مستقبلية مدروسة لمعالجة أسباب التفكك الأسري والطلاق، وأساليب التنشئة الأسرية المناسبة إلى جانب التوعية الإعلامية بمخاطر الهروب وعواقبه على الفتاة والأسرة والمجتمع.
* كاتبة قطرية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *