رؤى صبري *

كثيراً ما تعتبر تصرفات الشعب السعودي مع أبناء جلدته تصرفات غريبة أو بالأحرى غير منصفة،وهذا ما حدا بي إلى محاولة معرفة الأسباب التي أدت إلى تكوين هذه النظرة وحول ما إذا كانت هي الحقيقة أم إنها افتراء، فوجدت أن هذه الصورة السيئة عكست جزءاً من واقع حياة المجتمع السعودي وليس كله، ولنأخذ مثلاً مجال العمل فكثيراً ما تجد مهناً يرفض السعوديون العمل فيها ويعتبرونها حقيرة ولا تليق بهم وكأنهم بذلك يعارضون ما حث عليه الإسلام من قدسية العمل أياً كان متناسين بذلك قدوتنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم حين كان يرعى الغنم في بداية حياته وحين كان يساعد أصحابه في حمل الحطب وأي أعمال أخرى صغيرة كانت أم كبيرة، إلى جانب رفض أغلب السعوديين التعامل مع سعوديين من أبناء جلدتهم في بعض المهن والتخصصات والأعمال العادية ويفضلون الأجنبي الغريب ويشعرونه أنه أكثر تفوقاً وحكمة بالرغم من أن كل ما ينقص الشباب والشابات السعوديات القليل من الوقت كي يحصلوا على الخبرة وهذا الشيء ملموس في كل الجهات والشركات العامة والخاصة وحتى على مستوى المهن البسيطة فكم من مرة يُرفض سائق الأجرة السعودي ويفضَل عليه الأجنبي بالرغم من أن واقع التجربة يظهر عكس ذلك من مبادرة السائق السعودي للعمل الجاد والمعاملة الحسنة للزبون واحترام عاداتنا وتقاليدنا خصوصاً عندما يأتي للتعامل مع السيدات.
وكم من مرة ترفض الممرضة السعودية وتفضل عليها الفلبينية وغيرها من اللاتي قد يكن أقل منها مهارة وقدرة على رعاية المريض بحكم اللغة والقربى ،حيث يتم ذلك دون إعطاء الممرضة السعودية حتى مجرد فرصة لإثبات جودة عملها وإتقانها لتخصصها،مع العلم أن هذا الأمر ليس بجديد على المجتمع فبدايات الطبيب السعودي لم تُقابل بالترحيب بل قوبلت بالرفض ذاته وبعد سنوات من العمل الجاد أثبت الأطباء السعوديون مقدرتهم وأصبح المريض اليوم لا يثق إلا بالطبيب السعودي،لكن ألم يكن من المفترض ومن الأولى أن يقف المواطن السعودي بجانب أولئك الذين يحاولون أن يخدموا مجتمعهم بشكل أفضل عوضاً عن العامل الذي يمتص دماء المواطنين ولا يهتم إلا بما يحصل لأبناء جلدتهم وبرغم ذلك فإني أظل احترمهم لأنهم على الأقل وقفوا بجانب إخوانهم وساندوهم بغض النظر عن مدى كفاءتهم.
والغريب في الأمر أن المواطن السعودي لا يكف عن التذمر من عدم كفاءة بعض الكوادر متناسين أنهم السبب الأول والأخير في هذا التدني فكيف يمكن أن يعمل الطبيب أو الممرضة أو سائق سيارة الأجرة أو غيرهم بينما يكون عميله لا يثق فيه وإذا وافق على أن يعمل معه يظل مشككاً به وبقدرته على إنجاز العمل الموكل إليه ينتظر خطأً واحد حتى يشهر به ويفضحه في كل الأوساط وعلى جميع الأصعدة.
الأمر الآخر والأكثر غرابة عندما يظل بعض السعوديين في الخارج ينشرون الصورة السيئة عن بلدهم بكل تفانٍ إما بأفعالهم الرديئة وإما بحديثهم عن تدني بعض الكوادر السعودية بالرغم من أن كل بلد يوجد فيه الجيد والرديء.
ودائماً ما نجد أن بعض السعوديين يدعون للتغير بينما هم من يجب أن يتغيروا ويتحلوا بالأخلاق التي من المفترض أن تسود هذا البلد من أجل الوصول إلى مرتبه عالية من احترام الذات،نحوز فيها على احترام أمم الأرض الأخرى مثلنا مثل بقية الشعوب لأن كل ما ينقص الكادر السعودي هو وجود بعض الدعم من أبناء وطنه الذي يتطلع إلى خدمتهم بكل صورة ممكنة وهذا لا يمكن أن يكون إلا عندما نتضامن ونكون يداً واحدة وشعباً واحداً.
كاتبة سعودية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *