علي محمد الحسون
أتاني «ساخطاً» وغاضباً.. عيناه متسعتان من شدة ما يعتمل في داخله من غضب يكاد يخرجه عن صوابه، قلت له وأنا أحاول أن أظهر متماسكاً أمامه ما بك:
قال وهو ينفخ الهواء.. لقد تغيرت الدنيا.. وتغير الناس فأصبح كل شيء معكوساً فقلت وأنا استحثه الدخول في الموضوع هات من الآخر..قال لقد صحوت اليوم على صراخ وعويل مبعثه من «الشقة» التي بجانب شقتي، وبعد التحري عن سبب ذلك عرفنا أن ذلك الصوت «لامرأة» في الستين من عمرها.. فطلبت من زوجتي أن تذهب إليها لتستجلي الأمر.. وسرعان ما عادت لي ذاهلة وهي تقول لي إن «ابن تلك العجوز» يقوم «بضربها» لخلاف وقع بينها وبين زوجته.. فلم أتمالك نفسي إلا وأنا أمامه داخل شقته وكدت أفتك به لما قام به من عمل مشين.. ولكن تدخل بقية الجيران حال دون ذلك.
حقيقة استفزني بقصته ووجدتني أتعاطف معه في غضبه.. فكيف يصل الأمر «برجل» أن يقف أمام «أمه» غاضباً ناهيك عن ضربها وإيذائها تلك جريمة الجرائم.. بل من أحقر الأشياء في خلق الإنسان.. وأعتقد جازماً.. أن من يفعل ذلك هو من «أجبن».. خلق الله أمام زوجته أو أمام أي موقف يتعرض له خارج منزله فهو يجد تعويضاً «لرجولته» المفقودة بإبرازها على «أمه» وليس على زوجته لأن هذه الأخيرة قادرة على تلقينه درساً في الأدب إذا ما حاول أن يخدش احساسها بكلمة.. وهذا وأمثاله عليه أن يعرف ذلك القول الجميل للإمام علي رضي الله عنه «يوم العدل على الظالم، أشد من يوم الجور على المظلوم».

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *