الحكمة ضالة المؤمن «العاقل» (2-2)
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحمد باديب[/COLOR][/ALIGN]
نعم .. في بلادنا فقراء وهذا أمر لا يمكن أن نغيره تماماً إلا إذا أصبحنا كلنا دولة وشعب مؤمنين حقاً، نؤدي ما علينا تجاه الله ونطبق شرعه كما أمر، فهل كلنا يخرج زكاته؟ هل كلنا أمناء لا نسرق من الدولة؟ ولا نعبث بمرافقها؟ هل وهل؟ .. ألف سؤال وسؤال لا شك أننا نتمنى أن يغتني الجميع ولا يحتاج، ولكن لا يجب أن يفقد عشرين مليون مواطن منازلهم ليمتلك مليون مواطن منازل فنتحول إلى شعوب تعيش في مخيمات اللاجئين على حدود الدول المجاورة بل يجب أن نساعدهم على أن يمتلكوا بيوتاً بدون أن ندمر بيوت الآخرين وندمر بلادنا.
لقد بدأت هذه المملكة معتمدة على غنى وتعليم منطقة الحجاز، ثم أكرمها الله فأصبح الغنى في المنطقة الشرقية وعم التعليم البلاد، واليوم ينتقل مركز غناها إلى الشمال حيث وُجدت كميات عظيمة من الغاز، وهناك مناجم الفوسفات وغداً إن شاء الله سيستخرج الذهب والفضة من نجد، وبعد غدٍ ستكون مناجم المعادن والبترول في عسير، وبعد بعد غدٍ سيكون بإذن الله الغنى في رمال الربع الخالي.
إن الله يهبنا في كل يوم ثورة في جزء من الوطن الكبير، فعلينا المحافظة عليها، فما توحّدت المملكة إلا بعد مئات السنين وآلاف الشهداء.
ولاشك عندي أن الغالبية من هذا الشعب عقلاء وأنهم يريدون لبلادهم السؤدد والمجد والعزّ ويتخطف الناس من حولنا فنساعدهم على مصائبهم ولا نخلق لأنفسنا مصائب مثلهم، فوالله إن فعلنا فلن نقدر أن نتجاوز مصائبنا وسيكون الثمن غالياً وسيتقسم وطننا إلى دويلات لا تملك حولاً ولا قوة.
إننا نرى في بلادنا أخطاء، وهؤلاء المسؤولون ليسوا ملائكة، ولكنهم يعملون من منطلقات ثابتة من الدين والوطنية، ونحن في كل يوم نرى في قراراتهم حكمة قد لا تحقق لنا كل ما نريده ولكنها تحقق أغلب ما نتمناه.
ومثالاً على ذلك القرارات الأخيرة التي أصدرها الملك بتعيين الأمير نايف ولياً للعهد وقد سبق أن كتبت مقالاً عن الأمير نايف وقدراته وخبراته، وأما تعيين الأمير سلمان فأنا على يقين بأن خبراته وقدراته لا تخفى على أحد، وقد اعتمد الملك في قراراته على القدرات والخبرات وليس على السن كما يعتقد كثيرون، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى تتعلق بتاريخ الأشخاص ومدى قبول الشعب لهم.
وأنا مثل هؤلاء القوميين وغيرهم أتمنى أن يكون هناك مجلس بلدي منتخب بالكامل، ومجلس شورى أيضاً منتخب بالكامل، ومجلس وجهاء كذلك، وأتمنى أن يكون لكل مواطن بيت، ولكل مواطن مرتب.. إلى آخر تلك المطالب المشروعة التي يتمناهاالجميع، ولكن لكي يتحقق ذلك، علينا العمل تدريجياً على أساس من التنظيم والحكمة والاقتناع، لا على أساس من الثورات والنزاع ولا من تدمير البنى التحتية الأساسية للدولة.
وأنا كأي مواطن أريد من المسؤول أن يسمعني، وأريد من القضاء أن ينصفني، وأريد من العدل أن يشملني، ولكن ليس بالحرب والثورة والدمار، فنتوه كما تاهت بنو إسرائيل من قبل، وكما تاه غيرنا من بعد.
انظروا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حتى لأهل الكتاب في خلافه معهم: \”يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله\” ونحن نقول لحكامنا وعقلائنا وأولي الأمر وأولي النهي: اتقوا الله فينا وحكّموا فينا دينه، وكونوا عادلين معتدلين، ولنسابق الأمم للمعالي وستجدوننا بإذن الله شعباً مؤمناً يبحث عن ضالته بالحكمة والعقل.
وأحب أن أذكر الأمة بأن الحكام ما هم إلا مرآة للأمة، فكما قال رسول الله: \”بمثل ما تكونوا يولى عليكم\” أو كما قال، فكونوا كما يحب ربكم يُولي عليكم من يُحبه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد الأمين.
التصنيف: