سكينة المشيخص
مفارقات حقوق المرأة في العالم العربي عموما تكشف عن تراخ عميق في الاحترام العملي لها، فنظريا هي مقدرة وملكة بيتها ومصونة ويحميها أكثر من فحل، ولكن عمليا تترتب على هذه النظرة تضييق تنهار معه حقوقها بالكامل إلا بقدر يسير يتسرب مع تطور الفهم لما يمكن أن تكونه كمتعلمة لديها حقوق وواجبات أكبر وأعم من الواجبات المنزلية، وذلك ولا شك يضعها كيانا من الدرجة الثانية فيما هي على قدم المساواة بالرجل، وهي مساواة في السلبي والإيجابي على حد سواء.
في الإيجابي تتساوى المرأة مع الرجل في مختلف النشاط الإنساني، وفي السلبي فإن أخطائها لا تقل عن الرجل إن تعاطى أي كارثة أخلاقية، غير أنه لا يحاسب كما تحاسب هي، وذلك أمر عرفي وليس قيمي أو نظامي، والعقوبات في الشرع تطبق على كليهما دون تفريق، وربما كانت هناك بدهية نقصان العقل والدين وهو نقصان ظرفي وليس متعلقا بقدراتها وقيمتها، ولكن إساءة فهمه تهيئها لانتقاص كامل وبالتالي مشروع ارتكاب جريمة بانتهاك حقوقها.
يحدث أن تشرع بعض المجتمعات العربية ما اصطلح عليه بجريمة الشرف، وهي تتعلق بالمرأة التي ترتكب جريمة الزنا وفيها يقوم أهالي الآثمة بقتلها قبل أن يقول القضاء كلمته المعروفة مسبقا بحسب ما حدده الشرع، ظنا بأن المبادرة الى القتل تحافظ على شرف العائلة، علما بأن الفأس وقعت في الرأس بمجرد أن أخطأت المرأة، وحينها يتساوى قتلها من طرف أهلها كعقوبة بالعقوبة التي تنتظرها، فيما يترك الفحل وكان الأولى قتله لأنه من انتهك العرض واستهتر ببنوتها أو أخوتها أو عمومتها أو خؤولتها لفلان أو علان.
الإحصائيات العربية في هذا النوع من الجرائم كبيرة لدرجة مرعبة، وهي تشي بسقوط فكري عميق يعزز هشاشة المجتمعات وعدم احترامها للضوابط الدينية في سياقها التطبيقي حال الصواب أو الخطأ، وهي معضلة تحتاج في شرحها لمساحات أكبر من هذه الزاوية، ولكننا في الواقع نخطئ كثيرا عندما نركز المجهر على المرأة ونترك الرجل، تماما كما حدثتني صديقة عربية عن أن أخاها المراهق دخل البيت خلسة بإحدى الفتيات وعندما أخبرت والدها وتوقعت ثورة هوجاء فوجئت به يتقبل ذلك ببرود وهو يضحك مع والدتها معلقا بأن الولد كبر ولا بد له من الزواج وأكمل ذلك بعتاب \”تيك أوي\” له وانتهى الوضع الغريب، وعلى ذلك فإن معايير الشرف في مجتمعاتنا مختلة وبحاجة الى تصحيح قيمي يبدأ من التربية والنشأة ولا نبحث عنه بعد أن يكبر الصغار.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *