«نورك دعاني .. وعندك الشوق وقف»

• علي محمد الحسون

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

** كانت لحظة الحنين إلى الماضي \”خنجراً\” يقطع خاصرة الزمن ورمحاً ينخر فيها فيجعلها تنزف بشدة.. فيتدفق \”الشوق\” لتلك اللحظة الهاربة من عمر الزمن.. فلا يجد الإنسان في نفسه إلا مزيداً من الإغراق في ذلك الماضي المتسرب في تجاويف العمر.. ليعطيه حرارة اللحظة..
فتح كفه كأنه يقرأ خطوط الوهم عندما تذكر ذلك الحوار الحميم أحياناً.. والحار أحياناً أخرى الذي جرى بينهما في يوم – ما – في زمن – ما – في لحظة – ما – عندما قالت له وهي تضغط على مخارج الحروف مثلما كان حضورك نقطة استفهام في عيوني كان غيابك يمثل في نفسي خوفاً لا أدري سببه وفي ذات اللحظة اعتقدت ان عمر هذه العلاقة يطول.. ويمتد.. فإذا به يهتز وينفك إلى نقطتين تنتظران مني متابعة ما يدور في اللوحة الفراغ أمامي.
وقبل أن يقاطعها. واصلت قائلة: أعترف انني استأنفتك يا مشوار عمري الطويل الذي لا نهاية له.. وعليك أن تضع حرف التعجب.. اللعين في الفاصلة التي تختار.
كيف يستمر الاستنزاف أمام جدول الخوف المطوق عمري..؟!
فقال لها كأنه يلتقط لحظة صمتها ليدخل في تجاويف عمرها إن حرف \”التعجب\” هو \”الشوكة\” التي نضعها باستمرار أمام أعين الآخرين التي تدور في الفراغ.. فالعمر يا سيدتي هو مجموعة لحظات نعيشها على كثير من الألم والأمل.. الفرح.. والترح.. الضحك.. والدموع.. لا علينا من كل صور \”الكراهية\” أو \”الحقد\” الذي يستعمر نفوس الآخرين الذين لا يعرفون كيف يعيشون لحظة الشوق المطرز بالوفاء بعيداً عن غرس \”الاشواك\”..
إنني ازيح حرف \”التعجب\” ذاك فأنت طالعه في نفسي بكل شموخك وكبريائك .. وعنفوانك..
فقالت وكأنها تمسك بكل عمرها لتقذف به في دفتر عمره وشيء يلمع في عينيها:
حين جئت إلى مدينة عمري كانت كل الاحباطات في داخلي تقول إن الحالة وقتية.. وان الزمن لا يقوى على التألق. جيئة وعندي من القناعات ضد الفرح ما يكفيني العمر كله.. لكن قدري أن اتخطى الأسوار واجتاز الحواجز وأقف أمام موجك المنساب بكل شوقه وعنفه وعنفوانه في جذوري.. وكنت أرانا في كل موجة عاتية متكسرة على رمال الشاطئ بكل توهجها.. وزبدها.. وانكسارها.. كنت أرانا فيها بقدر ما تعطيني من شعور بالألم بقدر ما اتعاطف مع لحظة الانضواء تحت تضاعيفها القاسية بكل حنانها المتواري خلف شوق – السنين – نعم جئت وإذا بي استمرئ كل التعب.
قال لها وهو يشرب بقايا دمعها.. دمعة دمعة لا يدري أن التعب معك هو الراحة التي فقد لذتها كثير من اولئك الذين حرموا لذة الدخول في شجون الآخر فعاشوا \”احاديين\” يفضلون القيام بدور المعطل لدوران عجلة – التعب الجميل – بعد أن حرموا لذة طعم الحلم.. الأجمل.
قاطعته قائلة:
آه.. الحلم.. إنني ما زلت حتى اليوم رغم اصرار الزمن على قسوته انني \”أحلم\” صحيح أن هاجس \”الوهم\” جزء متداخل في عوارض \”الحلم\” إلا انني أحلم وأتوهم بك فأنت نقطة الضوء التي تسرق بصري من بين ألف.. ألف ضوء تظل أبداً مجدافي الذي يأخذني للشاطئ هذا قدرك وهو أيضاً رغماً عن كل المحاولات قدري.
صمت.. راح ينقر على طرف ركبته بأصابعه وهو يردد ذلك الصوت المنساب في داخله..
نورك دعاني.. وعندك الشوق وقف
كأنه فنار لاح.. في عين ملاح ..
وضعت ذقنها على مجمع قبضتها وصوتها يتماوج كأنه ونّة مجروح
يدق القلب دقك على الدف
يا عسى الضلوع.. تُوقي القلب لا طاح
وبصوت واحد راحا يرددان:
زل الطرب يا موجع الطار بالكف
شابت ذوابي الليل نور الضحى لاح
غرقا في صمت.. اخذهما الكلام.. خارج حدود الكلام ففي الصمت يكون الكلام أجمل .. وأعذب..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *