كل قيد على حرية التعبير إلى زوال
عبدالله فراج الشريف
بعد صدور التعديلات على بعض مواد نظام المطبوعات بدأ كثير من الكُتَّاب يتحرز حتى عن الكتابة ذاتها بعد هذا التعديل، وأعلن بعضهم اعتزال الكتابة، فهذا التعديل فيه عقوبات بلغ حدها الأقصى نصف مليون ريال، وأجزم أن جل كُتَّاب صحفنا لا يملك من المال مثل هذا المقدار، وهو ما جعل بعضهم يملأ زاويته بحديث هزلي عن مطربة أو فنانة، والبعض إلى موضوعات تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع إلى ثقافة أو فكر، وأخذ اللوم يعم الصحفيين والكُتَّاب، والتعميم عليهم كلهم بتهم تبلغ حد الجرائم، لو أن مطلقها أراد بما يقول وجه الله ثم مصلحة الوطن وأهله لتراجع عن كل وصف أطلقه معمماً عليهم كلهم بما يعمل يقينياً أن جلهم برئ منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب ـ عليه وعلى أبيه السلام.
وحتماً أن أثر الإعلام اليوم لا أثر يماثله لكل المؤسسات التي توجه الناس، والخوف منه عند البعض قد يبلغ أن يكون فوبيا مرضية، تجعله دوماً يتوجس منه خيفة، ويطالب بتقييده بشتى القيود، وهو يخبئ أماني ألا يبقى من الإعلام إلا ما له السيطرة التامة عليه، والمشكلة أن من لديه هذه الفوبيا لا يعلم أن هذا زمن الإعلام، وأنه السلطة الرابعة التي توجه المجتمع نحو الخير والعدل، وأنه إذا تسرب إلى ساحاته بعض من يرتكبون أفدح الأخطاء لغايات دنيئة لهم لا يلبثون إلا قليلاً فيكتشفوا، ويرميهم الإعلام ذاته إلى مزبلة التاريخ، سبقهم إليها كثيرون عبر العصور.
ويبقى الإعلام وعلى رأسه المؤسسات الصحفية، التي ستبقى تمارس دورها الرقابي، مهما حاول المتضررون من دورها هذا أن يناهضوها، فلم تعد اليوم دولة في العالم بلا صحافة، والقيود على الكتابة الصحفية في جل دول العالم إلى اضمحلال حتى تزول وهي حتماً في بلادنا ستؤول إلى ذلك، لأن الضرر المتوهم من اطلاق حرية التعبير للصحافة لا يوازي الضرر الفادح من تقييد حريتها، ففي ظل الأول تكشف منابع الفساد بكل أنواعه، لتعالج بما يؤدي للقضاء عليه، وفي ظل الثاني تتعاظم بؤره، حتى يستفحل فلا يمكن القضاء عليه إلا عبر خسائر كبيرة، فلعلنا نختار ما لا ضرر له. هذا ما أرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488
التصنيف: