[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بن أحمد الشدي[/COLOR][/ALIGN]

كان يحدثني وبريق عينيه يشي بخوفه من أن يسمعه أحد.قال اليوم نفضت الغبار عن راحلتي المتعبة وقلت أترحل..؟ كل شيء في حقيبتي جاهز يدعوني إلى السفر.. وأنا رجل يخنقني السكون والعزلة.. أدخل في ذاكرتي فأرى عيون الغزالات وأعناق الزرافات، فتنهمر في أوردتي اللوعة.. كل شيء جاهز.. ولكن الكلمات تتعثر على شفتي كطفل يحاول المشي للمرة الأولى.
نظرت إليها صامتة تتكئ على حافة النافذة.. تبدو وكأنها تختزن في صدرها بحراً من الأسئلة الحارقة.. ولكنني أشعر باطمئنان خائف.. فهي امرأة شرقية لا أريدها أن تقفز فوق أعراف القبيلة، وتقاليد المجتمع.. وتحزم حقيبتها للسفر إلى أي مكان يروق لها.
حملت الحقيبة وتقدمت خطوة إلى الباب.. ثم خطوتين.. فجاءني صوتها واضحاً كالشمس صريحاً كالسكين: إلى أين..؟.
قلت برعشة شديدة في الجذع والأصابع: أريد السفر. قالت وهي تحمل حقيبة أخرى: وأنا أريد السفر.
أنا أيضاً أقرأ في ذاكرتي قامات أنيقة لجياد قوية تجوب مدن العالم بحثاً عن وعول وجياد متحفزة أراها وأتحدث عنها أثناء النوم.
حدقت فيها بعيني نمر حبيس وأنا غاضب.
ثم سحبت حقيبتي إلى الداخل وجلست على طرفها أفكر في امرأة أصبح التحدي عندها أبسط الأشياء. وبحركة لا إرادية بعثرت محتويات الحقيبة واتجهت إلى آخر حجرة في البيت وأقفلت المزلاج. ثم أخذتني اليقظة على صوت الهاتف ونور الشمس يتسلل من النافذة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *