في ذكرى رحيل عازف الشوق
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بن حبيب علوي[/COLOR][/ALIGN]
في مثل هذه الأيام كان بين ظهرانينا موسيقاراً عملاقاً لم ينل منا ما يستحقه من تقدير لا لشيء ولكن لعدم قدرة ذوقنا المتواضع الوصول إلى شواهق ذوقه العالي وحسه المتنامي، رحل حامد عمر عنا بطريقته الانسيابية تاركاً وراءه فراغاً وهوة فنية واسعة لا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يملأها مع احترامي لكل الأسماء الموجودة، فهذا الفنان حباه الله موهبة موسيقية غير عادية استطاع وبكل اقتدار أن يصدّرها إلى خارج حدود الوطن العربي، ولم يكتف بذلك بل فرضها على الردهات الأوروبية ليعلن لذلك العالم الخارجي بأن العرب يملكون حساً راقياً وإبداعاً خارقاً صدح بألحانه أكثر من فنان وترك إرثاً لا يسعه مكان، كان لطيف المعشر مفرطاً في أناقته حميماً في تعامله مما جعل الكل يلتف حوله، فقد كان صديقاً مقرباً لكبار رجال المجتمع السعودي.
كانت أمسياته التي كان يقيمها في منزله تضم الشيخ (أحمد زكي يماني) واللواء الركن الدكتور (أنور ماجد عشقي) والشاعر الكبير رحمه الله (محمد حسن نحفي) والوجيه المعروف (عبدالرؤوف خليل) والكاتب الإسلامي المعروف (نجيب عصام يماني) وأستاذ اللغة العربية والدراسات العليا بجامعة الملك عبدالعزيز (بجدة) الدكتور (محمد خضر عريف) والكاتب الكبير (محمد صلاح الدين) والشاعر الفذ (أحمد سالم باعطب) رحمه الله، وغيرهم من الأعيان.
ذات ليلة تلقيت دعوة من الموسيقار حامد عمر كريمة لحضور بعض أمسياته الثقافية في منزله العامر بوجود هؤلاء الكوكبة من الأعيان، وكنت سعيداً في تلك الأمسية التي لا شيء فيها سوى شؤون الأدب والأدباء وعالم الشعر والشعراء وأخبار ونوادر النجباء، كما أنه استضافني مرة أخرى في جلسة خاصة واسمعني بعض سيمفونياته الحزينة الباكية فتأثرت من عزفه الباكي ولم أتمالك نفسي وأذرفت دموعي وطلبت منه الاستئذان بالخروج على أمل أن أقوم بزيارته مرة أخرى وقد أُلْهِمْت بِنظم هذه القصيدة المستوحاة من تلك الجلسة.
شادي الجراح هل أسمعتني نغم
يضمد الجرح فعزفك ظل أحلامي
شدو الحنين إلى الأحباب مزقني
وأنا محب وقلبي في الهوى دامي
هذا المقام له وقع يجرحني
وأنا جراحي قد ناحت بأقلامي
كف النواح يا من نغمه شجن
ليس النواح مزماري وأنغامي
إني سئمت من الأحزان فأسمعني
لحناً يبدد أحزاني وآلامي
وارفق بصب ما بات له طرف
عشق السهاد ليرقب زورة الرامي
وغدا يناجي فتاناً لواحظه
تسبي القلوب وتروي لهفة الظامي
يا عازف الشوق للعشاق معذرة
إن كان عزفك ما راق لإلهامي
وعندما أسمعته هذه القصيدة تلفونياً قال لي لا تلمني يا عزيزي فما أسمعتك إياه من لحن باك ما هو سوى صدى جرحي ونزيف إحساس على وطني العربي المسلوبة بعض أجزائه وهو بعض منا.
رحمك الله أيها الإنسان الفنان وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.
كاتب وشاعر وعضو اتحاد كتاب مصر
ت 6075516
التصنيف: