الإجراءات المالية وتعطيل السعودة

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

نتحدث كثيراً عن توطين الأعمال لتخفيض حجم البطالة التي إذا لم تُستغل وتُشغل تصبح عبئاً ثقيلا له الأثر السلبي الكبير، الدولة لا تستطيع توظيف كل العاطلين وسوف تدفع لهم حتى يجدوا عملاً، القطاع الخاص جزء كبير منه يريد مؤهلات وخبرات في حين أن الجزء الأكبر من البطالة غير مؤهل وبدون خبرة، لذلك يتوجب علينا اشراك هذه النسبة الأكبر في برامج تأهل مرتبطة بمشاريعنا الإنشائية الضخمة، طبعاً لن يستطيع أحد فعل ذلك طالما بقيت العقبات البيروقراطية التي تقف عائقاً أمام كل الأفكار والمخططات لتوطين الأعمال.
على رأس هذه العقبات وأكثرها تعقيداً غير مبرر هي الطريقة (التأخيرية) التي تنتهجها الوزارت لدفع مستخلصات المقاولين والمتعهدين الأمر الذي يسبب تأخيرا في تنفيذ المشاريع وبالتالي يتأخر دفع الرواتب لأن الوزارت تريد جميع المقاولين أن يكونوا بنكا متحركا أكثر من مقاول لكي يتحمل التأخير ويعطي المقاولة للمتسترين بسبب الانشغال وتضيع المحاسبة للجودة والأسعار حباً في الانتظار.
كيف نريد للمقاول أو المتعهد غير البنكي أن يوظف سعوديين وهو يعلم هذه الممارسات في تعطيل المدفوعات المعتمدة والمعمدة؟ لمصلحة من يعمل هذا النظام الذي يتسبب فيه أفراد يتحكمون في تفسير اللوائح العتيقة ويستغلون حاجة المقاول لهم ويعرفون أنه إذا ما فكر في شكوتهم فسوف يلقى ربه قبل أن يلقى حقه، هذا إذا لم يُطالب ورثته بدفع رسوم تأخير المشروع. هي حقيقة لابد من مواجهتها بكل صرامة ونريد مسؤولا يظهر ليبرر سبب الشهرة التي يحظى بها نظام المدفوعات في تأخير دفع المستحقات المستوفية الشروط، هل ليس لديهم القدرة النقدية؟ فلماذا وكيف اعتمدت الميزانية؟ هل الأموال المخصصة لهذه المشاريع لم تصل لحساب المالية الذي تصل إليه كل الإيرادات؟ هذه الممارسات تسبب أزمة وطنية وتعمل على احتكار مجموعة مقاولين لمشاريع وأعمال الدولة بمبالغ ضخمة وتنفذ بواسطة عمالة بائسة ومواد تعيسة، لست مبالغاً في أن ما نسبته ثمانون بالمئة من المشاريع تعطى لمرتزقة من الباطن أغلبهم مقيمون يعملون تحت شعار التستر الفاضح للجميع باستثناء الجهات المعنية، بس ميزتهم يتحملون التأخير ولا يعنيهم حق الأجير ويتعمدون ترخيص المواصفات ليغطوا تكاليفهم من الدفعة الأولى ويبيعوا المستخلص بنصف ثمنه لمن يتحمل الانتظار أو يستطيع ركوب قطار المالية.
معاملات الفساد لا تقتصر على سرقة المال العام بالصورة القديمة، وليس جميعها جرائم يمكن أن تحال للمحاكم ليجد الفاعل حسابه، بعضها مجرد ممارسات نظامية يعرف المسؤول أن لديه سلطة مطلقة لإعتمادها وتطبيقها والدفاع عنها أمام أي سؤال إن وجد، ومعرفته الأكيدة بأساليب تحوير النظام وضعف صاحب الحاجة، الذي إذا ما قررت الشكوى فسوف يعتبر من أصحاب العقول الصغيرة، لا يصلح لأن يكون مقاولا أو متعهدا، لن يجد غير العبس والتحدي من أول يوم يُطلق عليه فيه مسمى الشاكي ويسمع بأذنه أنه سوف يصبح الباكي. هذه ليست قضية خيالية لذلك تحتاج النظر بجدية قبل تفعيل هيئة الفساد التي إذا ما اشغلناها بحل مثل هذه العقبات التي يمكن تغييرها بقرار يؤدب الصغار والكبار سوف تصبح الهيئة في وضع المحتار الذي قد يفقد الشعار إذا لم ينهار.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *