[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** شاهدت في أحد الأعياد مسرحية بطلها الفنان السعودي فايز المالكي ، أقامها تحت رعاية أمانة الرياض، ومازلت اشاهدها بين فترة وأخرى بعد أن قمت بتسجيلها ، وهي مسرحية تجمع بين الكوميديا الجميلة وبين النقد الهادف الجميل، حيث تطرقت الى القنوات الفضائية التي يؤسسها أفراد لمجرد انهم مملؤون بالنرجسية ولديهم الملايين، كما تطرقت المسرحية لاشكالية تشفير المباريات الكروية التي عانينا منها عدة سنوات، فحرمتنا من متعة كأس العالم مجاناً ، ومن كأس الخليج ، ومن عدد من المباريات المحلية في الدوري السعودي، إلى ماقامت المسرحية بنقده في موضوع سوق الاسهم السعودية، الذي هوى ذات يوم وأكل الاخضر واليابس، وقد أبديت اعجابي بالمسرحية وقيمتها الفنية للفنان المالكي الذي التقيته مؤخراً.
** نحن في واقع الامر مازلنا في السعودية بحاجة الى مسرح قومي مثل كل أمم الأرض، فالمسرح كما يقال هو \” أبو الفنون\” وهذا تعريف صحيح ، لأن فيه ومن خلاله يقوم النقد الهادف البناء، وفي المسرح الملمح الكوميدي الظريف ، وفيه قضاء وقت مفيد للشباب بدلاً من التسكع في الاسواق والشواطئ والطرقات بدون هدى أو هدف، وفيه بناء حقيقي للفن والثقافة، وهو مجال رحب استقطاب المواهب المتعددة \”الكتاب، المسرحيون الممثلون، المصورون، المخروجون .. إلخ\” من إخواننا وابنائنا السعودييين، والذين يمكن لهم من خلال الخبرة والممارسة ان يصلوا إلى الاقليمية والعربية وربما العالمية، والشباب السعودي لديه الموهبة، والذكاء والقدرة على صناعة ابداع حقيقي لا يقل عن نظيره العربي، إن لم يكن متميزاً عن غيره، إذا توفرت له المناخات والتشجيع والفرصة من اوسع ابوابها.
** وهناك في الجانب الآخر السينما فهي الأخرى مجال مهم في دنيا الفنون، ولقد حضرت قبل اسابيع عرضا سينمائياً اسيوياً في قنصلية سيرلانكا، وفيه تم عرض فيلم صيني سينمائي، عن قصة لجندي صيني قام بعد انتهاء خدمته العسكرية، بتنفيذ مشروع تشجير منطقة صحراوية في بلاده ونجح في ذلك .. وما تعرضه السينما من أفلام وثائقية وعلمية وذات أهداف اجتماعية هو ما نتطلع اليه ، وليس افلاماً تخدش الحياء، أو تمس الاخلاق أو تعمل على تذويب القيم ، بل نريد تلك التي تتعاطى قيماً فكرية سامية .. هذا من جانب ومن الجانب الآخر فإن القيمة الرفيعة للعرض السينمائي انه يجمع حشداً من الناس، يتفاعلون مع العرض، ويظلون يحللون مادته، ويتأملون مضمونه ويمنحونه نقداً صادقاً، يزيد من انتاج العروض الجيدة، ويحارب تلقائيا امتداد الانتاج الضعيف ، ويخلق فرص عمل للكثيرين ويكشف عن مواهب لكل الراغبين والموهوبين.
** إن أول عرض مسريح عفوي شاهدته في حياتي كان في قريتنا في الجنوب الاوسط من المملكة، وكنت حينها طفلاً تلميذاً أظن أنني في الثانية الابتدائية ، يوم كانت قريتنا \”الاطاولة\” مركزاً للنشاطات الختامية لكل مدارس شمالي منطقة الباحة، يومها حضر الأهالي ، وكنت برفقة جدي رحمه الله، لقد كان مشهداً أسطورياً بالنسبة لي ، وبالرغم من \”بُعد الشقة\” إلاّ أنني مازلت اتذكر إبهار فقرات ذلك الحفل البهي، الذي ضم مسرحيات فكاهية اجتماعية، ثم مالبث المسرح المدرسي بعد ذلك أن ضمر حتى كاد أن يتلاشى بدلاً من أن يتقدم .. فما الذي حدث بالضبط ؟
** لا أحد يستطيع أن ينكر القيمة الفكرية الاجتماعية للمسرح ، ولا أحد يمكنه أن يشك في أن لدينا مواهب مثل سائر الناس في كل الدنيا، بل إن بلادنا بسعتها وتنوعاتها وافراز مؤسساتها التعليمية ، قادرة على أن تكون لها مراتب متقدمة في ترتيب المسرح العربي، لو أننا تركنا \” حساسية\” النظرة القاصرة للمسرح.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *