الوطن باقٍ وهم زائلون
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. محمود محمد بترجي[/COLOR][/ALIGN]
كنت قد كتبت في 22 جمادى الآخرة 1430هـ مقالاً بعنوان \”مبدأ عدالة توزيع الثروة\” ومقالاً آخر في 4 محرم 1431هـ بعنوان \”الشركة الوطنية للمقاولات شركة مساهمة سعودية\” ويدور محور موضوع المقالين حول تأسيس شركة وطنية للمقاولات على أن تكون شركة مساهمة تمتلك الدولة 40% من أسهمها و40% لشركات المقاولات و20% تطرح للاكتتاب العام ويسند إلى تلك الشركة تنفيذ وصيانة جميع المشاريع الحكومية , وقد استبشرنا خيراً عندما أُعلن في ديسمبر 2009م عن تأسيس كيان كبير يضم 11 شركة مقاولات يستطيع المنافسة في السوق المحلية والإقليمية في مجال المشاريع العقارية والإنشائية تحت مسمى شركة اتحاد شركات المقاولات السعودية برأسمال متوقع أربعة مليارات ريال.
بعد مضي عام و في 2 ديسمبر 2010م تحديداً فاجأنا السيد عبد الله رضوان رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية بتصريح منشور له في صحيفة الوطن قال فيه \”بأن فكرة اندماج شركات المقاولات لم يكتب لها النجاح حتى الآن حيث سعت اللجنة خلال الأشهر الماضية لتفعيل المشروع غير أن أنظمة وزارة التجارة والصناعة لا تساعد على إحياء هذه الفكرة \”, لا نعلم تماما الخلفية القانونية حول رفض الوزارة أو تعطيلها لفكرة الشركة لكن كل ما نعلمه أن تأسيس شركة وطنية للمقاولات هو مطلب وطني من شأنه أن يحافظ على المال العام من السرقة والإختلاس ويخفض نسبة الهدر إلى أدنى مستوى ممكن فهي محاولة من شأنها القضاء على الفساد المستشري في كثير من مشاريعنا , وتعتبربمثابة الضمانة لتنفيذ المشاريع بالجودة , السرعة والتكلفة المطلوبة.
ومن هذا المنطلق فإننا نتوجه بنداء عاجل إلى حكومتنا الرشيدة على كافة مستوياتها ودرجاتها بضرورة تفعيل فكرة تأسيس شركة وطنية للمقاولات تضم جميع شركات المقاولات الراغبة في تنفيذ المشاريع الحكومية وتوحيد المقاولين بأمر حكومي تحت راية واحدة وبشراكة الدولة ومساهمة المواطنين فتصبح الشركة المنشودة الوحيدة المخول لها القيام بمشاريع الدولة وتتولى إدارة وتنفيذ وصيانة جميع المشاريع الحكومية خصوصاً في هذه الفترة بالذات والتي تتجاوزفيها الميزانية العامة للدولة السبعمائة مليار ريال واقترب إجمالي الدخل من الألف مليار ريال وسجلت احجام المشاريع الحكومية أرقاما قياسية غير مسبوقة بعشرات ومئات المليارات وكأنها حفنة من ريالات , لذلك فلن يتم القضاء على الفساد والمفسدين كائنا من كان والذي ينادي به قائد الإصلاح خادم الحرمين الشريفين إلا من خلال تأسيس شركة مقاولات وطنية تتولى تنفيذ وصيانة مشاريع الدولة , فلا يكون لهذا المقاول أو ذاك المسؤول أو من هو أدنى أو أعلى منهم أي دور أو مصلحة ولن يجد ثغرة يتسلل من خلالها إلى أروقة الفساد وبالتلاعب والتزوير والمبالغة في التكاليف مع غش وتدني مستوى التنفيذ.
وتدريجيا وبإحكام السيطرة على منابع الفساد تختفي الفئة أو الشريحة الضارة بالوطن وغير عاملة ولا منتجة ولا تضيف لمجتمعها غير أنها تستأسد بمقدرات الوطن وتستولي على ثرواته وتنهب خيراته , ولأن المصلحة ستكون مشتركة بين الدولة و المقاول و المواطن بعد إسناد جميع الأعمال للشركة , شركاء في كل شئ في الربح والخسارة في الأمانة والخيانة في القناعة والطمع أو الجشع , فلن يسمح بعد ذلك إلا أن تكون مصلحة الوطن فوق كل إعتبار, الوطن باقٍ وهم زائلون.
فاكس 6602228 02
التصنيف: