[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** كسبت الجمهورية اليمنية الرهان , وأبهر اليمنيون ملايين الخليجيين والعرب , وربما العالم بذلك التنظيم المحكم والجميل لـ \” خليجي 20 \” .. حتى أن كثيرين لم يصدقوا ما كانت تراه عيونهم , من إبداع يمني عبر شاشات التلفزة فاق كل التوقعات , ونجحت القيادة والشعب اليمني في تحقيق ( المهم ) وهو مكسب ( نجاح البطولة ) بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف , رغم خروج فريقها الكروي من الأدوار لتمهيدية .
** انتصر اليمن على الإرهاب , وألقمه حجرا غليظا , عندما حيّده تماما عن العرس الكرنفالي البديع الذي تزينت به عاصمة اليمن الاقتصادية عدن , فخسئ المرجفون وانكفأوا في جحوهم كالجرذان , وتجول الإعلاميون والمشجعون ووفود الخليج في شوارع عدن آمنين مطمئنين , وتلاحمت القلوب والمشاعر والسواعد الخليجية , لتشكل شعبا واحدا وشعورا واحدا , من باب اليمن البحري جنوبا , وحتى جبال صعدة شمالا .
** وقدم اليمن رغم ضيق ذات اليد ( دورة أسطورية ) لوت الأعناق نحوها , واشرأبت العيون إليها , وأتعب اليمن بها من سيأتي بعده .. خصوصا وان الحفلة كان عنوانها ( البساطة والجمال وروح التحدي ) لكنها جاءت باذخة البهاء , ومغموسة بشذى الريحان والكادي , وظهرت متزينة بنقوش الحناء , ومترعة برائحة البن اليمني .
** وكانت ذروة المشهد , وقمة الروعة , بل ونجم المناسبة الأول بلا منازع هو – الجمهور اليمني , ذلك الشعب الكادح البسيط , الذي لم تفتنه بعد المادة , ولم تلوثه العولمة , ولم تسلخه الرفاهية , فظهر أماننا أنسانا – على سجيته – وبدون رتوش , فبدأ نبيلا , ودودا , طبيعيا .. وأيضاً وفيّاً إلى أقصى درجات الوفاء مع كل المنتخبات , وكان إذا لعب أي منتخب تجد الملعب يغص بالجماهير التي تشجعه وتستميت من أجله بإخلاص عجيب , وحماس منقطع النظير , وبشكل لفت الانتباه , لأن ذلك لم يحدث في أي مكان ولا بأي دورة من قبل .
** حضر الجمهور اليمني كل المباريات بلا استثناء , وكان هو الرقم المحرض الرئيس في نجاحها وزيادة حماسة اللاعبين , بأهازيجه وصيحاته , بعفويته وأعلامه وصرعاته , وبألوان شعره ووجوهه وحماسته , وما تخلل ذلك من إفساح المجال للحضور النسائي المحافظ وغير المبتذل , فكان الجمهور اليمني عموما هو ملح الدورة وسكرها , وكان عنوانها ونجمها .. فمن الذي فعل ما فعله الجمهور اليمني , ومن الذي يستطيع أن يكرر المشهد .. فقط يكرره ؟ .
** اليمنيون اظهروا وفاءهم لبلدان الخليج التي احتضنت في أخوة ومحبة جاليات يمنية كثيرة انساحت تبحث عن رزقها , فردوا الجميل بتلك الوقفات المملوءة بشهامة الإنسان اليمني مع كل منتخبات الخليج , وأكثر من ذلك فقد قدموا للعالم صورة المواطن اليمني – صورته الحقيقية – الودود مع الآخرين , المحب للضيوف , المحتفي بالأشقاء , ونجحوا في استحضار الصورة المختزلة في ذاكرة التاريخ للإنسان العربي الأصيل .
** وبالرغم من انتهاء الحفلة وانفضاض السامر , إلا أن دورة عدن ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ الرياضي الخليجي , ليس فقط بما احتوته من منازلات كروية جميلة , ولا لذلك الكر والفر على البساط الأخضر , ولكن لما زخرت به من قيم , وما ضخته من مُثل , ما زرعته من سجايا .
** ولكل ذلك ومن أجله – فإننا نرفع القبعة لليمن ولكل يمني , ونقول شكرا – ألف شكر – لكل ساهم وشارك , بدءاً بالرجل البسيط وحتى أعلى مسؤول , وتحية لتلك الروح الوثابة , وذلك التحدي الجسور , الذي قلب الطاولة في وجه كل من شكك في نجاح اليمن على تقديم نفسه بتلك الصورة البهية , وذلك الثراء القيمي الباهر .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *