اللي صار صار وحنا أولاد اليوم
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. محمود محمد بترجي[/COLOR][/ALIGN]
كنت قد كتبت مقالاً بعنوان \”كائنا من كان\” بعد أن قامت صحيفة عكاظ بنشر خبر في 26/ 2/ 1431هـ يفيد ضبط المباحث الإدارية لشركة تعمل بقطاع البتروكيماويات في عمليات تهريب نفط إلى خارج المملكة استمرت 11 عاماً، وتطرقت في المقال إلى الفرضيات المحتملة والسيناريوهات المتوقعة في ظل نقص المعلومة وانعدام الشفافية فيما يخص هذه القضية وخلصت إلى\” أن الشركة المذكورة قد أبرمت عقداً مع أرامكو تشتري بموجبه مادةً أو منتجاً معيناً من مشتقات البترول بسعر تشجيعي على أن يتم بيعها في السوق المحلي بعد تصنيعها فتتحقق المنفعة للمستثمر والوطن والمواطنين، إلا أن الشركة قامت ببيع المنتج الخام أو المُصَنع للأسواق العالمية مستفيدةً من فروق الأسعار بين السعر المحلي والسعر العالمي، وقد دعوت حينها -إن كان الأمر على هذا النحو – إلي الإسراع بتكوين لجنة تضم مع وزارة البترول والجمارك والمباحث الإدارية كلا من وزارة المالية ووزارة العدل وديوان المراقبة العامة وذلك لإجراء تحقيق كامل تمهيداً لتقديم الجناة والمتورطين للمحاكمة العادلة والعلنية وإنزال أقصى عقوبة بحقهم والتشهير بالفاعلين جزاءً لهم وردعا لأمثالهم.
وقد راهنت على ذلك كونها تمت في عهد عبد الله بن عبد العزيز ملك الإصلاح والذي رفع شعار القضاء على الفساد والمفسدين، كل ذلك وأكثر كتبته في مقالي المنشور في 8/ 3/ 2010م كما كتب غيري الكثير ولم نسمع من حينها أي توضيح عن هذا الموضوع حتى تلقيت منذ أيام رسالة على الإيميل مصدرها شبكة \”مصدر\” الإخبارية تتحدث عن القرار الصادر من مجلس الوزراء بحسم قضية شركة \” صفراء للبتروكيماويات\”، ويتضمن القرار (بافتراض صحته) الإشارة إلى الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها وزارة التجارة والمخالف للأوامر السامية عندما خاطبت شركة \”صفراء\” المحدودة بعدم وجود أية قيود أو حظر على الشركة لشراء المنتجات البترولية من السوق المحلية واستخدامها كـ\”لقيم\”، مع أن الأوامر السابقة وقرارات مجلس الوزراء تقضي بتكليف شركة أرامكو السعودية بالتعاقد مع شركة \”صفراء\” المحدودة لتزويدها بمادة الكيروسين بالسعر العالمي لما تستهلكه كـ\”لقيم\” مثلها مثل جميع المصانع المماثلة في المملكة، وتعد تلك أول مخالفة لوزارة التجارة فهي ليست ذات صفة في التعاقد، وأن استخدام تلك المنتجات المسعرة من قبل الدولة استخداما مختلفا عن المقصود به يعتبر مخالفة ثانية للنظام الذي يحدد أسعار بيع المحروقات واستخدامها \”وقودا\” وليس \”لقيما\” وأن وزارة البترول والثروة المعدنية هي الجهة المعنية أصلاً بمنح مثل هذه الموافقات.
ونخلص من ذلك القرار والأوامر السابقة بأن شركة \”صفراء\” كانت تشتري الكيروسين المدعوم بسعر مخفض ثم تبيع المادة الخام أو المُنتَج المُصَنع للأسواق العالمية محققةً بذلك عائداً كبيراً وأرباحاً طائلةً مخالفةً بذلك النظام المعمول به هذا على اعتبار بأن كل ماجاء على شبكة \”مصدر\” الإخبارية كان صحيحاً فالإنترنت مليءبالأكاذيب والافتراءات كما أنه لم يتم تأكيد الخبر أو نفيه من أية جهة رسمية أو مصدر مسؤول أو غير مسؤول أو بيان حكومي يزيل اللبس والغموض عن هذه القضية.
وبافتراض بأن كل ماجاء في ذلك الخبر كان صحيحاً فما هي العقوبات والغرامات التي أُنزلت بحق الشركة المذكورة والقائمين عليها، وهل تم جرد كميات الكيروسين المشتراة بالسعر المحلي وضربها بالسعر العالمي وحساب الفرق وإعادته لخزينة الدولة، تظل هناك إشكالية فيما لو تعذرت الشركة بأن لديها موافقة خطية من وزارة التجارة فما هو الحل وقتها؟ وعلى من ستقع المسؤولية ومن الذي سيعاقب ومن أين وكيف تُعوض خزينة الدولة، أم أننا سوف نطبق المقولة الدارجة \”اللي صار صار وحنا أولاد اليوم\”.
فاكس 6602228 02
التصنيف: