وصية الرواد.. ولحظة الغضب!

Avatar

بقلم / أحمد المهندس

* كان استاذنا الراحل المقيم المؤرخ والاديب محمد حسين زيدان يقول لي وسيد الكلمة الذي رحل ايضا عن دنيانا الاستاذ عبدالله الجفري.. وهو يمليه كلمته لصفحة الرأي بالجريدة الخضراء (الشرق الأوسط) كما كان يسميها السياسي اللبناني صائب سلام.
عندما نستغرب تطاول بعض صغار الكتاب – بضم الكاف – على الرموز.. بأنهم ذاهبون بكل ما لديهم من امكانيات ودعم من اخرين يجعلونهم يرهفون بما لا يعرفون وستبقى الساحة الصحفية والادبية.. خالية من امثالهم لانهم مؤقتون لا يملكون ارضية ثقافية صلبة يقفون عليها.. وكل ما يقدمون من كتابات واعمال.. محدودة الصلاحية والقيمة. وكنا بحماس الشباب نبلع كلامه على مضض وكأننا غير مقتنعين به.. وزعلانين ونبحث عن من يكش التراب في وجوهنا لنقوم بالفتونة والواجب.
تذكرت باسلوب الفلاش باك السينمائي.. هذه النصائح الواعية والقيمة.. بعد ان عرفت معناها بعد هذا العمر.. وبعد سنوات العمل والعطاء الكتابي الطويلة.. والتي تجاوزت الثلاثة عقود.. بعد ان قرأت ما كتبه احد الكتاب الجدد الذين وصفهم استاذنا/ محمد حسين زيدان بالفارغين الذين يرهفون بما لا يعرفون.. ويكتبون في صحيفة رائدة قدمنا لها زهرة شبابنا ولازلنا نعتز بها وبسنوات عاصرنا فيها الرواد والكبار.. وكانت ولازالت زاد حياتنا نحو المعرفة والقراءة والمعلومة الصحيحة وصوتها قلمنا.
فما قدمته هذه الصحيفة على امتداد اجيال لنا وغيرنا ولازالت.. لا يمكن ان يعوض او ان يختزل في كلمات الثناء والشكر.. بل سيبقى ما بقي هذا الكيان الاعلامي النابض بالحياة.. في سماء الوطن اعلاماً هادفاً وحراً.. تتوارثه الاجيال وتمر من خلاله اجيال اخرى.. نحو الصدق والموضوعية والمعرفة.
وقدر المخلصين للكلمة.. الذي يعرفون ماهيتها واهميتها في الحياة الانسانية.. متى ما تناولهم البعض.. ويتعاملون معهم مجبرين باخلاقيات الكبار.. وكتلاميذ للرواد الذين كانوا يحذروننا من امثالهم في زمن سيكون غريباً وعجيباً.. ما يفيد الناس فيه سيبقى في الارض ام الغثاء فيذهب مع ادراج الرياح.
البعض يلجأ الى كلمات بعيدة عن الواقع ولا يصح ان يتلفظ بها الانسان المسلم الذي اكرمه الله في هذه الارض بالاضافة الى الانتماء بعد الاغتراب.. بتعاليم الدين الاسلامي السمحة.. والقيم الفاضلة التي يتحلى بها الفرد المسلم بين مجتمعه وبين اهله وناسه.. فماذا يمكن ان نقول لمن يتطاول على العلماء ومشايخنا الافاضل ويصف خطبهم وبكاءهم بألفاظ بعيدة عن الواقع ولا يسمح بها الشرع والقانون، ومن يفعل ذلك لا استطيع ان ألقمه حجراً.. كما كان يفعل ابناء الحارات الاشاوس في القديم.. بعد المزمار وكش التراب.. فقد تغير الحال ولم يعد العمر كالماضي في مقتبله يساعد لجر الشكل.. بل يجعلنا نعود الى حكمة حكمائنا كالزيدان وسواه من المبدعين والرواد.. ونروق المنقة بالبلدي الفصيح وننسى الاساءة فمن جاءت منهم لا تستغرب منهم.. فقد تعلمنا مع ابدية الكلمة.. العفو عند المقدرة ونسيان الاساءة والسماح.. او كما كان يقول استاذنا اخر الرومانسيين العرب.. السيد عبدالله الجفري في ظلاله:
(سامح.. لكي يحبك الناس.. لا تحقد عليهم ولا تكره نفسك امامهم.. ليس بالحياة بكل اغراءاتها ما يستاهل ان تحجب من اجله الصفاء والصدق ونبيعها في لحظة غضب!).
* ناشر ورئيس تحرير مجلة العقارية
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
عضو هيئة الناشرين السعوديين

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *