هل صحيح حاميها حراميها؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. محمود محمد بترجي[/COLOR][/ALIGN]
الجيل الذي أنتمي إليه عاش حياة بها قدرا من الرفاهية تفوق بلا شك الأجيال التي سبقتنا،في المقابل فهو لا يقارن مع الترف الذي تعيشه الأجيال اللاحقة، تلك هي سنة الله في الأرض، التطور والنمو هو النتاج الطبيعي لتفاعل المجتمعات مع الثقافة والعلم، أذكر أننا كنا أحيانا وإذا كانت الظروف الإقتصادية مناسبة نقضي إجازة الصيف في القاهرة أو بيروت، وأول مرة سافرنا فيها إلى أوروبا وتحديدا لندن في صيف عام 1975م وكان ذلك بسبب ظروف الحرب في لبنان، حياة السفر كانت تميل إلى التقشف والزهد حالها حال الحياة التي كنا نعيشها في بلادنا فمواردنا المالية لا تكفي لأي مظهر من مظاهر الترف الذي نراه اليوم، لدرجة أننا كنا نتواصل مع أهلنا بالرسائل البريدية،رسالتين أو ثلاثة على الأكثر الأولى نطمئنهم فيها بوصولنا والثانية نخبرهم بموعد العودة أما الرسالة الثالثة إذا أحتجنا إلى دعم مالي موضحين فيها أسباب الخلل في الميزانية، الحياة في القاهرة وبيروت في تلك الفترة كانت مختلفة تماما عن اليوم، فالتقدم التي كانت تعيشه تلك العاصمتين في كل المجالات مع التأخر أو التخلف الذي كنا نعيشه في بلادنا شكلا فارق حضاري كبير بيننا وبينهم،هذا لا يمنع بأن لديهم بعض السلبيات التي تمثلت في بعض النواحي الحياتية التي ترافقت مع التطور والتقدم المبنيان على أسس ومفاهيم الغرب، في نفس الوقت كانت تلك هي إيجابية مجتمعنا الذي يتصف بالتدين والمثل والأخلاق النبيلة، فمثلا كانوا يحذرونا من النصب والاحتيال عندما نسافر ومن النشل الذي تطور فيما بعد إلى سرقة في وضح النهار في بعض المدن.
وفي أواخر الثمانينات اختفى \”ونش\” عملاق في عز الظهر دون أن يستدل على الفاعل أيضا، وفي 2007 اختفاء \”قضبان\” سكة حديد بطول 100 كلم، وأيضا اختفاء \”كابل\” في أحد السدود وطوله 290م ووزنه حوالي 3 طن، ناهيك عن التاريخ الطويل للغربيين في سرقة الآثار المصرية.
إن استعراض تلك الحوادث ليس بهدف القدح أو الذم لمجتمع معين بذاته إنما هو واقع عشناه وتعايشنا معه بحلوه ومره، وإن كان الفقر لدى بعض المجتمعات هو مبرر قوي لبعض الممارسات الخاطئة..
كما أن البعض بات يتفوق في النصب والاحتيال والشركات المساهمة والعقارية وشركات توظيف الأموال أكبر شاهدا على ذلك، ولم يخلَ بعض الأطباء والأكاديميين الذين يحتالون على أبناء جلدتهم ويمارسون مهنهم بشهادات مزورة، ولم يسلم الأمر من فتاوي شاذة هنا وهناك لبعض المشايخ بفضل فكرهم الأحادي الضيق، والذي كان سبباً في تدمير عقول بعض الشباب وتحويلهم إلى إرهابيين، وأمتدت العدوى حتى طالت بعض العسكريين المناطين بحفظ الأمن والسهر على راحة المواطنين وحماية الممتلكات العامة والخاصة وقيامهم بأعمال لا يقوى عليها عصابات محترفة، كما جاء في الخبر من أن مجموعة منهم تفوق العشرة وبمساعدة آخرين يسرقون ثلاثة جسور حديدية في أطهر بقاع الأرض بمكة المكرمة وفي وضح النهار (جريدة المدينة 22/5/2010) ،الأمر يحتاج إلى وقفة والعودة إلى الضمير.
فاكس 6602228 02
التصنيف: