نصف مليون سعودي.. تحت البطانيات

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت بن طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** تمثل \”البطالة\” أحد أبرز التحديات أمام الحكومة، ولا شيء في تقديري يسبقها خطرا على مسيرة حياة المجتمع، لان البطالة في صورة مبسطة ومختصرة تعني وجود \”شباب\” من الجنسين \”يتسدحون\” تحت بطاطينهم في قعر بيوتهم بدون عمل، بل بدون \”مستقبل\” رغم ركضهم هنا وهناك، وبـ\”شهادات\” تعليم عال، فلا يجدون الاّ من يقول لهم \”ورينا عرض أكتافك\”؟!!
** التقرير الاحصائي الصادر عن مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات، والذي نشرته \”عكاظ\” الاربعاء 7 جمادى الأولى 1431هـ، هو في واقع الأمر تقرير مخيف جدا، فقد اعلن ذلك التقرير – صراحة – ان البطالة عندنا قد قفزت الى 10.5% بدلا من 10% في العام الذي سبقه، بمعنى ان البطالة المشؤومة، تتمدد في كل الاتجاهات، وتزيد عددا ومرارة، بدلا من ان تنحسر، او تتراجع إلى الوراء، كما كان مأمولا، وكما كان \”العشم\” في الجهات الرسمية والأهلية، التي ما فتئت \”تدندن\” صباح مساء على تصريحات تتطاير في الهواء، تبشر الناس بأن هناك جهودا لكبح جماح هذا الطوفان الهادر، حتى إذا ما جاء تقرير مصلحة الاحصاءات الأخير، ليكشف الحقيقة المرة، والواقع المؤلم للأسف.
** التقرير المشار إليه آنفاً قال إن حوالى نصف مليون سعودي عاطلون عن العمل، أو بعبارة دقيقة لم يجدوا لهم وظائف، أو بلغة أوضح لم يتح أحد لهم المجال ليعملوا، بل وجدوا الأبواب مسدودة في وجوههم، والرقم المذكور وهو تحديدا (448.547) عاطلا، يمثلون شريحة كبيرة من أبنائنا، الذين نعدهم الرهان الحقيقي للمستقبل، والعدة التي نعوّل عليها للقادم من الأيام، لكن لأن فرص العمل غائبة عنهم، فقد تحولوا بقدرة قادر إلى مجرد رقم على الشمال، لا يعتد به، ولا يعوّل عليه، بل إذا شئت الدقة فقد تحولوا إلى \”كومة\” كبيرة من المساكين، الذين يستحقون الشفقة والاحسان.
** أمام هذا الرقم الهائل للبطالة في وطننا السعودي، الذي يطفر بالخير، ويكتنز أعلى احتياطي للنفط، واكبر مصدر له، وأفضل مكان استثماري في العالم، ماذا يمكن ان تقول الجهات الرسمية المسؤولة عن هذه الكارثة الوطنية، وما هي وجهة نظر القطاع الخاص بشركاته الضخمة، ومشاريعه المهولة، وارباحة الهائلة؟.. ماذا يقول المشرعون والمنظرون وأصحاب القرار وربابنة الشركات والمؤسسات الكبرى.. ماذا يقول هؤلاء لاخواننا العاطلين هؤلاء من البنين والبنات، وبأي وجه يمكن ان يقابلوهم، وما هي المبررات التي يمكن لهم \”اختراعها\” ليقنعوا جيش البطالة هذا بالمصيبة الكبيرة التي حلّت على رؤوسهم، وجعلتهم \”يتسولون\” الوظيفة، ويعيشون عذاب المرمطة، و\”سوداوية\” النظر للمستقبل؟!!
** نحن هنا في المملكة نعيش في السنوات الأخيرة، حراكا اقتصاديا متناميا على المستويين الحكومي والأهلي، فيما يشبه عصر الطفرة الذي عشناه قبل عقود من الزمن، لكن المذهل والمحير جدا، ان هذه الديناميكية الاقتصادية لم تنعكس على شبابنا، ولم تعمل على انحسار موجة البطالة، التي جاءت تسير عكس تيار النمو الاقتصادي، الأمر الذي يبرهن بجلاء أن هناك خللا كبيرا، وخططاً عقيمة، ورؤى عمياء!!
** إن ما جرى ويجري حتى الآن من معالجات لمسألة تنامي مشكلة البطالة الخطيرة جدا في مجتمعنا، لم تكن معالجات عميقة، ولا اجراءات حاسمة، برغم كل المجهودات المحدودة، ولا بد من \”قرار وطني\” كبير وشجاع بل وحاسم، يضع حدا نهائيا لهذه المصيبة، وهذه الفاجعة المدوية، والاّ فإن الرقم مرشح للزيادة المخيفة، وعندها من يضمن خطر انفجاره؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *