أيها المنظرون
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني[/COLOR][/ALIGN]
مقالات كثيرة ومقدمات عديدة تفاجئنا بها بعض الأقلام صباح مساء ، تأبى إلا أن تثير فينا الدهشة ، وتحرض على الكآبة والحزن بل والاشمئزاز والتقزز ، ويصر أصحاب تلك الأقلام على استدعاء علامات التعجب والحيرة ، بل وانتزاع الاستفزاز من أعماق الصدور ومكامن النفوس . لأن ما تفرزه هذه الأقلام يدعو وبشدة للتساؤل والاستغراب والبحث بدقة عن جواب ، يزيل اللبس والعجب مما تتضمنته تلك المقالات والمقدمات من مضامين توحي بأن وراء الأكمة ما وراءها.
وحتى نصل بالقارئ الكريم إلى ما نهدف إليه من خلال هذه الأسطر التي كانت نتيجة لما لوحظ أخيراً ما طفا على السطح من بعض العبارات والتنظيرات ، عند الحديث عن الشأن الداخلي في كل شؤون الحياة ومساربها . فهؤلاء يصرون على تقسيم المواطنين إلى إسلاميين وغير إسلاميين أو يسمونهم بالآخرين . والواقع المشاهد يكذب هذا التقسيم حتى لو كان هناك من يود ويسعى إلى ترسيخ مفهوم هذا التقسيم لأنه تقسيم في حقيقته وجوهره يحمل في طياته دليل فساده وبطلان مراده فهو تقسيم منفر بل وتقشعر منه الجلود والأبدان وترتجف معه القلوب ويحتار الجنان.
ففي بعض جلسات مجلس الشورى والتصويت على قرار معين أو خلال الحوارات الفكرية أو الملتقيات الثقافية أو المنتديات العلمية أو المشاركات الوطنية التي يلتقي فيها مفكرو هذا البلد نجد بعض التحليلات والأخبار والمقالات المدبجة التي يصر أصحابها على هذا التقسيم السقيم . فيقول مثلاً : وكان الإسلاميون يرون كذا بينما الآخرون يرون كذا , مع أنه يتحدث عن مجموعة من المشاركين كلهم من أبناء الوطن وممن يحملون الهوية الإسلامية.
أو تأتي العبارة كنحو : وقد خرج الإسلاميون غاضبون بينما حاول الآخرون استرضاء الغاضبين دون نتيجة . أو تأتي العبارات بهذا الوصف كما جاء في الانتخابات البلدية حينما قالوا : وقد فاز الإسلاميون بالترشيح للعضوية في المجالس البلدية.
وهكذا نجد هذه العبارات تصفع الوجوه بسياط من جلد وتزرع الأسى والحسرة في القلب بطعنات أشد من طعنات الرماح. لأنها لو صدرت من غير أبناء هذا البلد لكان الأمر أهون لأنه جاء ممن لا يعرف حقيقة المتحاورين أو المتنافسين وحكم من خلال ما ظهر له من الأقوال أو الطروحات أو الاتجاهات دون معرفته بالأشخاص. أما إن تصدر من أشخاص هم من المعنيين بالحراك الفكري الداخلي فيصف غيره بالإسلاميين ويجعل نفسه خارج هذا الوصف فإن ذلك يبعث على التساؤل والدهشة والاستغراب.
إن الحديث في هذا الموضوع يطول ويطول . فحينما تصطدم بقراءة مقال أو مقدمة خبر أو تحقيق يقسم أفراد أبناء مجتمعنا إلى إسلاميين وغير إسلاميين ، ولست أدرى حقيقة من هم المعنيون بغير الإسلاميين ؟ وهل يوجد سعودي غير مسلم على الأقل في هويته الوطنية ، وهل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويصلي ويصوم ويزكي ويحج يصح أن يصف نفسه بهذا الوصف ، وبماذا يريد أن يصف نفسه إذا لم يكن من الإسلاميين .. أم أن مجرد الاختلاف في الرأي يجعل من القوم فريقين مسلمين وغير مسلمين ؟ لمجرد وقوع اختلاف بينهم في الأسلوب والطريقة التي يريد بها تحقيق مصلحة عامة للوطن ؟ كل هذه الأسئلة والاحتمالات متى تم طرحها على بساط البحث والتشريح مع حسن الظن بالجميع نجد أن التقسيم غير صحيح ولا وجود له على أرض الواقع ، قد يكون التقسيم مبنيا على توجهات ورغبات ومطالبات ولكنه لا يجوز شرعاً وعقلاً أن يصل بحال إلى تقسيم كهذا.
الغريب والمدهش أنه من الملاحظ أن معظم من يسعى إلى تكريس مفهوم هذا التقسيم هم ممن ينعتون أنفسهم بالآخرين فيثبتون عمداً أو جهلاً أن الإسلام وأتباعه على شاطئ وهم يقفون على الشاطئ الآخر ؟ .
إنك حقيقة تشعر وكأنك داخل إعصار عات في ليل بهيم لا تدري أين يتجه لتتلافى غباره وشدة اندفاعه. فهلا تتأنى هذه الأقلام قليلاً فيما تكتب لتقف على المعاني المقصودة فتكون على بينة من أمرها وماذا تعني بهذه الكتابة أما أنها لا تريد التأني ، وترى إن وصف هؤلاء بالإسلاميين يعتبر عليهم وصمة عار؟
كنت أتحدث في هذا الموضوع مع صديق ، وكان له رؤية خاصة وتفسير خطير في وجود هذا السلوك لدى هؤلاء. فقال : \” إن هؤلاء حين يقولون ذلك فإنهم بهذا الوصف لا يرون فيه تكريما للموصوفين بالإسلاميين بل يرون أن ذلك يعني جمود أفكارهم. قلت له هذا تفسير خطير ورؤية قد لا يكون لها في الواقع ما يؤيدها . قال : فاعطني سبباً واحداً غير هذا. اللهم أحفظ الإسلام والمسلمين.
ص.ب 14873 جدة 21434
فاكس : 6534238
التصنيف: