[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

خلال لحظات الانتظار لمجيء الأستاذ عبد القادر باجمال من المكان الذي كان به في منزله الى قاعة الضيوف، جلست لأتناول الشاي في مواجهة اللوحة الرئيسة بالغرفة. كانت لوحة كبيرة يغلب عليها اللون الأحمر الداكن المخلوط بالمشتقات التي تذهب حينا في اتجاه البني وحينا آخر في اتجاه اللون البرتقالي ويتوسطها وجه بشري لانسان قد يكون هو او هي يتطلع نحو الشمس بينما تمتزج كل بقايا تفاصيله في مكونات اللوحة.
وكانت الألوان ساخنة تبدو وكأن اللهب الذي يمتلئ في أعماقها مصدر دفئ يغلف القاعة الكبيرة الفارغة. كانت هناك لوحات اخرى بألوان أكثر هدوءا وميلا نحو البرودة والرمادية والسحب المعبأة بحلم المطر. وكان على رأس كل لوحة يقبع سيف ذهبي أو فضي من الأثريات اليمنية المختلفة.
الغرفة بمجملها تمزج بين العراقة والحداثة وبين الفن والمهارات الحرفية المتوارثة، وعلى بعض الجوانب ترتفع اعلام يمنية وصورة لرئيس الجمهورية فوق مراكب صغيرة مصنوعة يدويا لتؤكد البعد السياسي والتاريخي لصاحب المنزل.

*الشكل مشبوب بالعاطفة:
دعاني الشخص المعني بالضيوف للإنتقال الى غرفة أخرى في الدور الآرضي حيث ينتظرني الأستاذ عبد القادر باجمال رئيس الوزراء السابق وأمين عام المؤتمر الشعبي السابق، والذي عاد مؤخرا من الخارج بعد اصابته قبل عامين بجلطة شديدة أوقفته عن العمل ومنعته من الكلام والحركة.
وقف لتحيتي كعادته مع ضيوفه مبتسم الوجه مصافحا بيده اليسرى لأن اليمنى لا تزال تعاني بعض الصعوبة في منطقة الاصابع. سعدت برؤية ابتسامته، وبمظاهر الصحة البادية عليه بالمقارنة مع آخر مرة زرته فيها منذ عودته.
وتبادلنا الحديث عن الصحة كالعادة، ثم قلت له انني اعجبت باللوحة الرئيسة الموجودة في القاعة التي كنت بها، فوجدت الابتسامة تتسع في وجهه وعيونه تبرق بلمع من الانفعال نادر الحدوث في قسماته. وقال لي لابد وان تعرفي قصة هذه اللوحة. ثم قام ودعاني الى الذهاب معه الى تلك القاعة.
كنت اخشى ان يتسبب انفعاله في ارهاق لايحتاجه خلال فترة نقاهته ولذا تحركت بحذر لكنه كان مندفعا للصعود في السلالم والتوجه الى اللوحة.
وهناك توقف هنيهة امام اللوحة ثم بدأ يحدثني عن ظروف مشاهدته لها واعجابه بها والصعوبة التي واجهها في دفع ثمنها المطلوب فقد عرضت بالعراق في فترة من عمره ليست لديه السيولة المالية المطلوبة. رغم انه كان حينها مسؤولا بالدولة.
وحدثني عن الرسامة التي لم يتعرف عليها، لكنه تابع أخبارها ليعلم فيما بعد انها قتلت في غارة جوية خلال حرب الخليج الآولى. تحدث عن مشاعره تجاه اللوحة حال رؤيته الأولى لها وكيف ان ذلك الشعور يتملكه كلما شاهدها. ولأني قد تفاعلت مع اللوحة قبل معرفة قصتها فقد وجدت المشاعر نفسها تنطبق على إعادة رؤيتي الثانية لها.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *