الزيارة والإعجاب
نبيه بن مراد العطرجي
كم هو جميل أن يقضي المرء بضعة أيام في رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي له مكانة تاريخية ودينية بارزة عبر التاريخ الإسلامي ، يكسر من خلالها النمط الذي أعتاد عليه ليعود إلى بلدة بنشاط وحيوية ، وتعطيه تلك الزيارة الدافع بأن ينجز أعماله بأفضل ما يمكن ، والحمد لله أن كُتِبَتْ لي هذه الزيارة في الأسبوع الأول من هذا الشهر برفقه العائلة ، فهذه الزيارة ليست مجرد زيارة كغيرها من الزيارات التي نقوم بها لمدن وبلدان أخرى ، فهي مختلفة كل الاختلاف لأن الهدف منها شد الرحال لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام : \”خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق\” وزيارة قبره الشريف وصاحبيه أبوبكر وعمر رضوان الله عليهما ، وزيارة بقيع الغرقد حاضن الأجساد الطاهرة ، والذي دفن فيه ما يقارب عشرة آلاف صحابي أولهم الصحابي المهاجر عثمان بن مظعون رضي الله عنه ، وقد وردت أحاديث عدة في فضل البقيع وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له والدعاء لمن دفن فيه ، ومنها أن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول \”السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون ، غدًا مؤجلون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد\”.
ومسجد قباء الذي شارك النبي عليه الصلاة والسلام في بنائه ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة وشهداء أحد ، فهذه المنطقة الجغرافية المحدودة المعالم المتعددة الآثار لها مكانه متميزة في القلوب كونها أول عاصمة للدولة الإسلامية ، ومنطلق الدعوة والفتوحات ، وثاني أقدس الأماكن الدينية لدى المسلمين بعد مكة المكرمة.
وقد رأيت ما كنت أسمع عنه من تنظيم في شتى المجالات بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وأعجبت بما شاهدت ، وتمنيت وأنا أتجول في المنطقة المركزية وما تحتويه من مباني سكنية \”فنادق\” تقوم على ارتفاع موحد كأنها لؤلؤ منظوم ، وشوارع ذات سفلته ممتازة ، ونظافة دائمة ، وإضائه وهاجة أن تسير باقي مدن المملكة على ذلك التنظيم الراقي ، ومهما كتبت وتحدثت عن الآلية التي تسير عليها الإدارات الحكومية والمنشئات الأهلية لن أستطيع أن أوفي المسئولين بالمدينة المنورة حقهم ، فبالفعل تحس أنهم رجال يعرفوا معنى الأمانة التي يحملوها ، ويقومون بواجبهم الوظيفي بالشكل المطلوب وعلى أكمل وجه ، قال بعض العُبّاد – إنَّ لله عبادًا عَقَلوا ، فلمّا عَقَلوا عمِلوا ، فلمّا عمِلوا أخلَصوا ، فاستدعاهم الإخلاصُ إلى أبوابِ البرِّ جميعًا – جعل الله ذلك في موازين حسناتهم ، وجزا ولاة الأمر عنا وعنهم كل خير .
همسه : المرء أصل كل ما يفعل.
ومن أصدق من الله قيلاً \”فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا\”.
التصنيف: