وللبيت رب يحميه
محمد بشير علي كردي
تفيد الإحصائيات السياحية بأن ما يقارب العشرين مليونا من الأسبان قد انطلقوا إلى الشواطئ والمنتجعات أو لمسقط رأسهم حيث الأسرة والأهل والصحب والخلان للتمتع بعطلة أعياد الفصح المجيد، وتتساءل رشا عما إذا كان غير صحيح ما تدعيه المصادر المالية المطلعة من تدهور الأوضاع الاقتصادية ومن الضائقة المالية التي يشكو منها الجميع منذ انهيار سوق المال الأمريكي على يد الرئيس بوش وبطانته، وإلا كيف يبرر الصرف على الإجازات في أسبوع من المفروض أنه أسبوع عبادة وعبر، ومن أين جاءت هذه السيولة النقدية.
ويجيبها والدها بأن في تلك الشواطئ والمنتجعات مئات الألوف من المستثمرين وملايين العمال الذين ينتظرون هذه المناسبات ليعوضوا مبالغ استثماراتهم ويغطوا تكاليف معيشتهم، وبالتالي فهي دورة سليمة للمال ينتقل من هنا إلى هناك محققا الغاية التي وجد المال من أجلها وهي التداول لما فيه المصلحة العامة، وأن أولئك الذين سمحت لهم ظروفهم المالية التمتع بالإجازة بعيدا عن مقار سكناهم هما ما بين شريحة واسعة من الطبقة المتوسطة التي تحسبها باليورو والسنتيم بحيث لا تزيد التكلفة كثيرا عن مصروفهم المعتاد في مثل هذه المناسبات فيما لو بقوا في مقار أعمالهم، والفضل في ذلك للرحلات السياحية الجماعية التي تقدم المواصلات والإقامة في الفنادق أو الشقق المفروشة مع وجبات الطعام بوسطي ثلاثمائة يورو للشخص الواحد عن أسبوع كامل، وهي تكلفة معقولة إذا ما أخذنا في الاعتبار متوسط الدخل الشهري للأسرة التي يعمل فيها الزوج والزوجة وهو خمسة آلاف يورو، ونادرا ما يكون عندهم طفل واحد إلى طفلين على الأكثر، وما بين الفئة الثرية القادرة على الصرف التي تقصد الفنادق والمطاعم الراقية، وهذه على قلة عددها تغطي نسبة محترمة من عائدات السياحة.
تضيف والدة رشا بقولها إن غالبية شعوب البحر الأبيض المتوسط تعيش على المبدأ القائل : أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، وأنها تعرف أشخاصا يعيشون بالطول والعرض وينفقون على مسراتهم ولذاتهم بضمانة بوليسة تأمين على حياتهم بمبلغ محترم ولمدة عشرين عاما على سبيل المثال، تبدأ من يوم التحاقهم بعمل ثابت وتتجدد لفترات مماثلة، ويتصرفون كما لو أن قيمة التأمين قد دخلت في حسابهم وبالتالي يستلفون في حدود قيمة التأمين التي ستصلهم كاملة إذا ما أمد الله في عمرهم، وفي حالة الوفاة المبكرة فإن الزوجة والأولاد لن يضاروا بالدين فقيمة التأمين ستتكفل بتسديده. وتعلق رشا على قول والدتها بأن هذا التصرف بشهادات التأمين، أو ما يشابه ذلك من السلف والاستدانة هو العبث والاستهتار بعينه، وإذا كان هذا هو سلوك البعض ممن يقطنون على ضفاف شواطئ هذا البحر المشمسة والمشجعة على المتعة والراحة والاستجمام فلا غرابة عندما قال اليهود لنبيهم اذهب أنت وربك فقاتلا إننا هاهنا قاعدون، وتخشى أن تكون عدوى الاستكانة والقعود عن نصرة المسجد الأقصى قد حلت بمسيحيي و مسلمي شعوب البحر الأبيض المتوسط فتركوا الصهاينة يعبثون بمقدساتهم ورمز إيمانهم ، فهي ولليوم، لم تسمع أكثر من التنديد والشجب والاستنكار يصدر وللمرة الأولى عن مراكز القوى التي تلعب بالعباد كالأمم المتحدة عندما زار أمينها العام الأراضي الفلسطينية المحتلة والمحاصرة .
ويخفف والدها من نقدها اللاذع مذكرا إياها بثبات سياسة المملكة العربية السعودية المناصرة للحق الفلسطيني، مستشهدا بما نشرته لي مؤخرا صحيفة البلاد السعودية تحت عنوان \” هذا الشبل من ذاك الأسد 1 و 2 \”، وبعودة تركيا إلى أصالتها وما تبذله قيادتها السياسية في المحافل الدولية من جهد لإرغام إسرائيل على الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية. وإلا ؟ تقولها رشا بلهجة التهديد، وتتبعها بأن لكل حادث حديث، وأن للبيت ربا يحميه.
التصنيف: