الفكر الأوروبي .. والعودة إلى الإيمان

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد كامل الخجا[/COLOR][/ALIGN]

الحلقة الأخيرة
لقد شهدت الدنيا تغيرات كثيرة في الأنظمة السياسية والمعتقدات الفكرية، وكانت النتيجة عبئا جديداً مضافا الى الاعباء المتراكمة.. تتغير الصور وتبقى المحتويات، اقلية متخمة واكثرية محرومة.. أقلية ظالمة واكثرية مسحوقة..
وكيف يتغير العالم إذا لم يتغير الناس؟ كيف يتغير المجتمع اذا لم يتغير الافراد. وكل تغير لا ينبثق من خلال عقيدة وإيمان ونهج وتصور جديد للحياة والاحياء، مصيره إلى زوال أو إلى مزيد من الآلام.
لقد كان \”خروتشوف\” يقول : \”إن التناقضات في المجتمع الاشتراكي مردها الى العجز امام انانية الافراد\”. ويقول \”سولجنستين\” الكاتب الروسي المضطهد المطارد لافكاره المتحررة من ربقة القمع المستعلية على بشاعة الارهاب: \”لقد حسبنا ان تغير أشكال الانتاج سيغير اخلاقيات الناس، لكننا لم نقطف الا الخيبة المريرة\”.
والرأسمالية عجزت هي الأخرى حين اطلقت الحريات دون ضابط ليلهو الافراد بخدر الجنس والافيون عن استئثار السلطة الحاكمة والرأسماليين الجشعين بالملذات والشهوات على حساب آلام الاكثرية المخدرة، وتحول الحرية المطلقة الى فوضى عارمة مدمرة.
وكيف يكون ضابط، إذا كان هدف النظامين سلخ المواطن عن إيمانه بالله.. عن صوت الحقيقة المنطلقة من ذاته. وبغير ايمان لا يبقى وازع ولا يبقى كابح وتسود شرعة الغاب؟
إن التغيير المنشود لا يتم إلا عن طريق بنية الحضارة كلها من الاساس الى القمة فإذا تغير الفرد وانصاع لصوت الله في ضميره، تغير المجتمع بكامله.. وعندما يتغير المجتمع يعود التوازن وتسود الانضباطية والالتزام بين الأفراد والمجتمعات، تلك سنة الله في الاحياء، كسنته في الكون، لا محيد عنها لا بديل لها.
لقد استدار الزمان كهيئة يوم مولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، فالدنيا كلها تقف اليوم على مفترق طريقين لا ثالث لهما، وعلى اختيارها يتوقف..مسيرها.. فإما الايمان بالله وإما الدمار.. إن المسلم المتمسك بدينه هو الانسان الكامل \”السوبرمان\” الذي يحلم به الفلاسفة والمصلحون في العالم كله وخاصة في العقود الأخيرة من السنين.
يقول الدكتور عناية الله المشرق: كانت السماء تمطر بغزارة.. وخرجت من بيتي لقضاء حاجة فإذا بي أرى الفلكي المشهور السيد جيمس جينز الاستاذ في جامعة كمبردج ذاهبا إلى الكنيسة، والانجيل والشمسية تحت إبطه.. فدنوت منه وسلمت عليه مرة أخرى فسألني: ماذا تريد مني؟ فلقت له: أريد سؤالك عن شيئين:
السؤال الأول:
لماذا لا تفتح مظلتك رغم نزول المطر؟ فابتسم السيد جينز وفتح المظلة.
السؤال الثاني:
لماذا تحمل الإنجيل تحت إبطك؟ ولماذا تذهب إلى الكنيسة وأنت العالم الأشهر؟ وهنا توقف العالم الكبير لحظة.. ثم قال لي:
نلتقي مساءً لنناقش هذا الأمر.
وذهبت إليه في الموعد فسألني على الفور: آه، ماذا كنت تقول في الصباح؟ ودون أن ينتظر ردي بدأ يتكلم عن الكون ونظامه الدقيق وعن الكواكب ونظامها المحكم وعن المجرات وأبعادها اللامتناهية وطوفان أنوارها الباهرة.. ونظرت الى العالم الكبير وإذا به يبكي.. ويداه ترتعشان في حركة لاإرادية ثم توقف برهة..
فقلت له: هل تسمح لي بأن أقرأ عليك آية من كتابنا المقدس \”القرآن\”؟.. فأجاب السيد جينز: بكل سرور، تفضل. فقرأت عليه قول الله عز وجل:\”ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفًا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانها..\”.. \”إنما يخشى الله من عباده العلماء\”.
وما كدت أتوقف عن القراءة حتى صرخ السيد جينز قائلاً: مدهش، غريب، عجيب جدّاً، من أنبأ محمداً بهذا؟ هل هذه الآية في القرآن حقيقة؟ لو كان كما تقول فاكتب عني، اكتب شهادة عني أن القرآن موحى به من عند الله، لقد كان محمد أميّاً ولا يمكن أن يكشف هذا السر عن نفسه. ولكن الله هو الذي أخبره بهذا، إن محمداً رسول الله حقّاً..
\”إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين\”. صدق الله العظيم.
إن أفضل الحياء المراقبة لله عز وجل والمراقبة في ثلاثة أشياء:
مراقبة الله في طاعته بالعمل.
ومراقبة الله في معصيته بالترك.
ومراقبة الله في الهم والخواطر لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
\”اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك\”.
ومراقبة القلب لله عز وجل أشد تعباً على البدن من مكابدة قيام الليل، وصيام النهار، وإنفاق المال في سبيل الله. وحسبنا هذا المنهج لنواجه به تحديات العصر، وتحديات المستقبل.
المدينة المنورة
للتواصل: 048485164
فاكس: 048443132

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *