التحول عن التخصص وإعادة التأهيل

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله فراج الشريف[/COLOR][/ALIGN]

يضطر الناس أحياناً إلى أن ينصرفوا عن تخصص تأهلوا به لعمل معين، إما لكساد انتاب أعماله، أو أنه أصبح لا يقدم لهم أجراً مناسباً، فيتأهلون عبر التدريب لعمل آخر أفضل أو أكثر ربحاً، خاصة فيما يؤهل له عبر المعاهد والكليات من مهن أو وظائف، أما التحول من تخصص معرفي إلى آخر فإنما يعدد الأذكياء من التخصصات ما يرون له صلة بتخصصهم الأصلي أو يضيف إليهم معارف أخرى، لكن أن يتسابق الناس للتخصص في علم نظري، أو يتركون تخصصاتهم حتى العلمية التقنية منها، ويزدحمون على تخصص وحيد، حتى يصبح مجاله عمل من لا عمل له، ويشتغل به أصحاب كل التخصصات، ويتركون منها ما أهلوا له، وهو لازم وضروري للنهوض بالحياة في مجتمعهم، فهذا لا يحدث اليوم إلا في مجتمعنا هذا الفريد بخصوصياته، فالمشتغلون بالتخصص في العلوم الدينية لا حصر لهم، وعددهم يفوق العدد الذي يحتاجه المجتمع منهم، فلدينا من المعاهد والكليات الدينية، ما يفيض عدد المتخرجين منها كل عام عن الوظائف المتاحة لهم.
ومع هذا هناك في مجتمعنا من يقبلون على ترك تخصصاتهم العلمية والنظرية، التي أهلوا لها، مفضلين الالتحاق بمجال واحد من مجالات العمل الديني، الذي فاض عدد العاملين فيه على الحاجة اليهم، حتى سبب بطالة مقنعة فيه، وأثير الجدل بين العاملين فيه على أتفه القضايا، وكثير منهم متواضع المعرفة الشرعية اللازمة للدعوة، وضرر هؤلاء يزداد يوماً بعد يوم، وهم يفتون بلا علم، ويهرفون بما لا يعرفون، والأخطر من هذا أن يعمل بعض هؤلاء في وظائف دينية رسمية كالعمل في جهاز الحسبة، فمما يثير الاستغراب أن تجد رئيس احدى الهيئات مثلا أصل تخصصه المحاسبة أو الاحياء أو الجغرافيا او ما شابه ذلك، فينصرف ذهنك حينئذ إلى الاعضاء العاملين في الميدان وتتساءل: ما هي المؤهلات التي عينوا على أساسها؟ والتساؤل الأهم أن هؤلاء المشتغلين بغير تخصصاتهم الأصلية هل يعاد تأهيلهم بالمعرفة الحقيقية لمجال التخصص الجديد الذي التحقوا به للعمل فيه، حتى أصبحوا فعلاً مؤهلين للعمل في مجاله؟ أم اكتفي بهوايتهم لهذا العمل، وترك لهم أمر تثقيف أنفسهم بأنفسهم في حرفتهم الجديدة؟
إن الدعوة للإسلام تتضرر من أنصاف المتعلمين أو المتعالمين هؤلاء، الذين أهلوا للعمل في مجالات عديدة ولسنوات عدة ويحتاجها المجتمع، ويتركونها ليعملوا في مجال لم يؤهلوا له وحتماً لا يحسنونه، ويعتمدون فيه على قشور حصلوها بأنفسهم أو تلقوها من مجالس منظرين أجهل منهم، فإذا بهم الموجهون للناس في كثير من القضايا، يثيرون بها جدلاً لا ينتهي إلى خير، ونراهم اليوم في ازدياد، وخطرهم على المجتمع يزداد، ولا أحد يحرك ساكناً، لمنع هذا التردي الذي يسببه هذا الانحدار المعرفي المتوالي، وقد آن الأوان لبحث هذا الأمر واتخاذ الخطوات الحاسمة لاستئصاله، فهل نفعل؟ ذلك ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس 1407043

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *