عالم بلا نفط = حروب خضراء
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أسامة عبدالله[/COLOR][/ALIGN]
ارتبط العديد من الصراعات العالمية والتوترات الجيوسياسية بمناطق تركٌز مصادر الطاقة التقليدية في العالم وخاصة النفط، ويعود ذلك بصفة أساسية إلى أن أماكن إنتاج وتصدير النفط في العالم ليست هي نفسها أماكن الاستهلاك الرئيسية.
وقد ازدادت وتيرة هذه التوترات مع الارتفاع الهائل في مستويات أسعار النفط في السنوات الأخيرة لمستوى وصل إلى 147 دولارا للبرميل في يوليو من العام 2008، والذي تزامن مع رواج فكرة \”ذروة النفط\”، أي وصول النفط إلى أعلى مستوى له وبداية العد التنازلي لمرحلة النضوب ونهاية عصر النفط، وارتبط التوسع في استهلاك النفط وزيادة الطلب العالمى بارتفاع وتيرة التلوث البيئي.
فالمشكلات الاقتصادية المتعلقة بنضوب النفط والتلوث البيئي الناشئ عن زيادة استخدامه والارتفاع الهائل في مستويات أسعاره في السنوات الأخيرة وما ينشأ عنها من صراعات دولية؛ دفع العديد من الدول الكبرى إلى الاهتمام بالمصادر المتجددة للطاقة بأنواعها المختلفة.
غير أن العديد من العلماء ومحللي الطاقة يشيرون إلى أن التوجه نحو استخدام والتوسع في الطاقة المتجددة، وإن كان سيقلل كثيراً من الصراعات والتوترات الجيوسياسية المرتبطة باستخدام الطاقة التقليدية وخاصة النفط، إلا أنه قد يخلق أيضاً مجموعة من الصراعات والمشكلات الجديدة والمستحدثة في المستقبل؛ أي أن نضوب النفط لا يعني اختفاء النزاعات أو أن توديع النفط لا يعني توديع الصراعات.
وسوف يؤدي سعي الدول للاعتماد على مصادر بديلة للطاقة إلى نشوء توترات محتملة ومشكلات أخرى ستظهر مستقبلاً؛ فالتحول إلى صناعة السيارات الإلكترونية سيخلق نزاعا جديدا على معدن محدود النطاق جغرافيّاً وكميّاً هو معدن الليثيوم، وإنتاج مصادر بعض مصادر الطاقة المستحدثة من الوقود الحيوي ربما تسبب جفافاً ونزاعات مياه في العديد من مناطق العالم، والاعتماد على الطاقة النووية يعني أن ثمة دول عديدة ستسعى للتحول لإنتاج القنبلة بل إن الخطر الأكبر هو تنفيذ هجمات إرهابية ضد هذه المنشآت النووية.
في سبيل التوسع في استخدام الطاقة المتجددة وتخفيض حجم الانبعاثات الضارة قد تلجأ العديد من الدول الكبرى إلى فرض العديد من القيود والحواجز الجمركية على الدول التي لا تتخذ تدابير للحد من الانبعاثات الضارة، وهو ما قد يزيد من حجم الصراعات الدولية المتعلقة بالقيود الحمائية على الدول.
وواقعيّاً ثمة تنامٍ واضحٍ لما يعرف باسم (الحمائية الخضراء)، فالاتحاد الأوروبي قد وضع قيودا على دخول أنواع الوقود الحي التي لا تتوافق مع المعايير البيئية
ومن ثم فإن أحد أهم مصادر الصراعات المستقبلية يتعلق بانتشار سياسات الحمائية التجارية الخضراء.
والطاقة النووية هي أحد مصادر الطاقة الرئيسية التي من المتوقع أن تلعب دوراً كبيراً كبديلٍ للطاقة التقليدية في المستقبل،بيد أن التوسع في استخدام الطاقة النووية قد ينتج عنه مجموعة من المخاطر المتوقعة، أهمها كيفية التخلص من النفايات النووية عالية الإشعاع ودفنها وتخزينها بما يضمن حماية جميع الأفراد والمياه الجوفية والتربة خاصة في الدول النامية والناشئة التي قد تعاني من مشكلات مالية.
وإلى جانب ذلك، تزداد المخاوف المرتبطة بحدوث تسرب إشعاعي جزئي مع عدم وجود الخبرات الكافية للتعامل مع مثل هذا النوع من الحوادث الإشعاعية أضف إلى ذلك ما يرتبط بالطاقة النووية من دوافع سياسية وبرامج لتحويل الوقود لإنتاج القنابل النووية في العديد من الدول.
كما يعاني العالم من أزمة مياه طاحنة، فهناك نحو 1.1 مليار شخص حول العالم لا يحصلون على مياه عذبة نظيفة. وتشير التقديرات إلى أنه في غضون عقدين من الزمن، فإن ثلثي سكان الأرض سوف يعيشون في مناطق تعاني من ندرة المياة العذبة، بكلمات أخرى (من المتوقع أن تكون المياه هي النفط الجديد).
ومع التوسع في استخدام الوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة المتجددة، فمن الممكن أن يجعل ذلك أزمة المياه أسوأ بكثير من الوضع الحالي.
وقد انتشرت في السنوات الأخيرة السيارات الكهربائيةومع التوسع المتوقع في استخدامها سوف يزيد الطلب على معدن الليثيوم الذي من المرجح أن يصبح سلعة ساخنة في السنوات المقبلة.
التصنيف: