[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

لفت نظر رشا أنني أسرعت بإرسال قصيدتين عن الأندلس إلى جريدتي السعودية \”البلاد\” ، الأولى على لسان آخر ملوك الأندلس أبو عبد الله الصغير، والثانية لشاعر معاصر عن عشقه لأطول أنهار شبه جزيرة أيبيريا، فجاءت تسأل عما إذا كان اهتمامي بالشعر وتذوقي له هو ما دفعني لإشراك القراء بالقصيدتين؟ وعما إذا كان العمل الدبلوماسي، وما فيه من تنقل بين بلدان عديدة وتعرف على آداب شعوب البلدان التي يعمل فيها ، يفتح شهيته للأدب والشعر؟ ومَنْ من الشعراء السفراء يحضرني بعض من شعرهم؟
أجبتها بأن الشعر عند العرب هو من أحب فنون الأدب، وأن شعراء ما قبل الإسلام قد أرخوا بقصائدهم التي كانت تعلق في بيت الله الحرام بمكة المكرمة ليطلع عليها الحجيج وهم يزورون الأماكن المقدسة أحداث عصرهم وسميت بالمعلقات،وبالتالي لا غرابة في أن نعشق الشعر ونقدر الشعراء.
ومن ميزات العمل الدبلوماسي أنه يتيح لمنسوبيه فرصة التعرف على الأدباء والشعراء في كافة البلدان التي يعملون لديها،وبين يدي كما ترين ديوان الشاعر السفير عمر أبو ريشة، وفيه قصيدته \”في طائرة\” التي نظمها من وحي حسناء أسبانية جلست إلى جانبه في الرحلة التي أقلته إلى مقر عمله في التشيلي، وفيها يقول:-
وثبتْ تستقرب النجمَ مجـــالا وتهادتْ تسحب الذيل اختيالا
طلعــةٌ ريـَّــا، وشيءٌ بــاهرٌ أجمالٌ ؟ جلّ أن يُسمى جمالا
فتبسمتُ لها ، فابتسمــــتْ وأجالت فيّ ألحاظاً كســـالى
وتجاذبنا الأحاديثَ فمـــــــا انخفضتْ حساً ولا سفّتْ خيالا
قلت يا حسناء ، مَن أنتِ ومن أيّ دوحٍ أفرع الغصنُ وطــالا
فرنتْ شامخةً ، أحســــــــبها فوق أنساب البرايا تتعالـــــى
وأجابت: أنا من أندلــــــــسٍ جنة الدنيا سهولاً وجبــــــالا
وجدودي، ألمح الدهر علـــى ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
حملوا الشرقَ سناءً وســــنىً وتخطوا ملعبَ الغرب نضـالا
فنما المجدُ على آثـــــــارهم وتحدّى ، بعدما زالوا، الزوالا
هؤلاء الصِّيد، قومي فانتسبْ إن تجد أكرمَ من قومي رجــالا
أطرق القلب وغامت أعيني برؤاها، وتجاهلتُ الســــؤالا
وتسألني رشا بعد أن فرغتُ من قراءة القصيدة عن سر تجاهل الشاعر لسؤال الحسناء؟ فأجبتها بأن الجواب تجدينه في قصيدة للشاعر نزار قباني، الذي مارس العمل الدبلوماسي في أسبانيا بكل الحب والعشق، وكانت قد كتبت له إحداهن تسأله وصف إسبانيا فأجابها بالقصيدة التالية :
كتبتِ لي يا غالية..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانية
عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانية..
عن عقبة بن نافعٍ
يزرع شتلَ نخلةٍ..
في قلبِ كلِّ رابية..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرها معاوية..
عن السرايا الزاهية
تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها
حضارةً وعافية..
بدا على وجه صغيرتي التأثر، فهي تعيش هموم والدتها الفلسطينية الأصل، وتسمع منها الكثير عن تاريخ الأرض المقدسة، وعما حل بالديار من بلاء ، وتخشى أن يدوم الاحتلال والتهويد والتهجير، ويأتي زمن يقرأ الأحفاد على أحفادهم مثل ما نقرأه اليوم من كتابات وأشعار عن الأندلس الفردوس المفقود، غير أن والدها الأندلسي الأصل يردد مقالته وهي أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، والصحيح هو أنه ما دام على وجه الأرض من يعتز بهويته الوطنية فإن الوطن سيعود إليه حراً مستقلا طال زمن الإبعاد عنه أو قصر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *