[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] ليلى عناني[/COLOR][/ALIGN]

التقيت بها صدفة، كانت شعلة من المشاعر والنشاط تتابع الطبيب نيابة عن والدتها، عرفني الطبيب بها وبدأنا نتحدث سوياً \”\”هي بدوية\”\” نشأت وترعرت على رمال الصحراء الذهبية إحتضنتها مساحاتها الشاسعة والتحفت السماء في خيمتها التي تأويها واستغلت ضوء الشمس لكتاباتها..ونجوم الليل لتأملاتها..تطورت أحلامها حتى تعدت الواقع الذي تعيشه!! ركبت صعاب الأماني وطوفان الرفض الذي لم يقوَ على مد يده ليوئدها بل زادها صلابة وإصرارا ورفعة وتحديا.. بدأته بنفسها أخرجت ذاتها ووقفت تتأملها وتفحص كل خباياها من جميع جوانب الحياة في الصحراء في كل ساعات اليوم التي تمر بها من طلوع الشمس حتى غروبها..اكتشفت الإبداع والمهارات والقوة الكامنة في دواخلها في انتظار نقطة ضعف تنفذ منها إلى الحياة لتستنشق هواء حرية القلم في التعبير والإبداع وأخذت تنهل من ينابيع أحلامها من بعض مخزون قلبها ما فجر لديها قوة التعبير جنبا لجنب مع الدراسة ونزف القلم الذي صور أبدع ما يمكن تصويره في روايات وصلت إلى القمة.
إنها بدوية ترعرعت في بيئة صحراوية قاسية وإن كانت صحية..ورغم ذلك غلبت رهافة إحساسها خشونة الصحراء وقساوة نباتاتها البرية الشائكة!! كانت تمر لياليها وهي مُحلقة بنظرها في نجوم الليل المضيئة بعيدة عن صخب وضوضاء المدينة رسمت من النجوم أشكالا لأحلى أمنياتها وملأت مئات الصفحات من أصدق دقائق حياتها امتلأت السماء بأحرف كتاباتها تقرأها وحيدة لا يشاركها في قراءتها جني ولا بشر..كانت تعد نجوم الليل وتحكي لها ما يسكن داخل قلبها وأماني العالم كله تتفجر في أعماقها تطوي نجمة لتتعدى إلى غيرها بعد أن يسكن الليل وتسكن آهات الربابة مع آخر رشفة قهوة ترشفها شفاه تعشقها..ومع آخر خبوة لجذوة الجمر التي كانت تشتعل لتعلن التزام الصمت بعد أن يغط العالم الصغير من حولها في نوم عميق يريح فيه الأبدان المتعبة بسبب البُعد لمسافات كبيرة لرعي الغنم.
أنتظر موعد لقائي مع الإبداع المولود على يد بدوية تعادل في صمودها وشجاعتها وعطائها وإصرارها وتصرفها أعتى الرجال.. وتُصنف من أمهر الروائيات السعوديات..فقد كان مداد قلمها من رمال الصحراء النقية ومن واقع الحياة الشقية، تنوعت معاناتها وتعددت.. كم من المرات ملأت كفوفها برملها الذهبي وتتركه لينساب من بين أناملها الصغيرة وهي تتأمله وتلمس بأصابعها الصغيرة ذراته وهي تحاول عد حبيباته وتنظر إليها وهي تستقر منسابة بتلال هادئة متساوية لا تكاد تبين مستمتعة بملمسها الحريري الناعم الذي يداعب أحاسيسها الطفولية وهي تنظر متأملة ورأسها يضج بأسئلة لا تجد لها إجابات ولا تدري ما كان يخبئه لها المستقبل من معاناة والذي يضاهي عدد ما انساب أمامها من ذارت الرمال تعود وتتسائل: \”\”ترى ما هي مكونات تلك الرمال\”\”؟ هي بالنسبة لها ذهباً وإن كانت لا تعرف قيمة الذهب..هي تراه وتعلم كم هو معدن محبوب لدى النساء يتقلدن به عند عرسهن..وهي فتاة ستكبر وتصبح عروسا تلبس الذهب وتنعم به كما تنعم باللعب برمال الصحراء ولكن لم تكن تعلم أن ما سيمتعها أكثر هو إنطلاقة قلمها في عالم الحقيقة والخيال..فكل شيء تحت أمره يكتب بمداده ما يشاء يصف كل جميل عاشته وينقض كل قبيح نكرته..أليس هذا قلمها فلتفعل به ما تشاء بشرط ألا يجرح أحداص..هو مُسخر فقط لإحساسها ونزف قلبها وعقلها. ننتظر قصتها \”قصة الملوك الستة\” …إنها ظافرة القحطاني.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *