حلال المشاكل ينتظر حلا
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]
وجدت في ركن الاعلانات اعلاناً مثيرا، مدهشا، وغريبا بكل المقاييس، وهو من حيث الحجم صغير جدا، ولا يكلف صاحبه اكثر من خمسمائة ريال، ولكنه من حيث المعنى كبير جدا، وهو يبدأ بالسؤال الأزلي: هل لديك مشكلة، وينتهي بالنصب الأزلي أيضا: نحن نحل مشكلتك، ابعث عشرة ريالات، وسيصلك الحل خلال أسبوع..!
وستضع يدك على رأسك بعد أن تعرف أن ثمن حل المشكلة، لا يزيد على ثمن وجبة أرز افغانية في طريق الجامعة، أوشارع حراء لشخصين اثنين مع البارد، أو الحار، وطبعا فإن هذا الثمن من شأنه الاستهانة بالمشكلة، وبالتالي الاستهانة بصاحب المشكلة؟
ويبدو أن صاحب الإعلان – الذي كان يحلم بنشره – لم يشأ أن يتوسع فيه أكثر، واكتفى بعنوان واحد: هو هل لديك مشكلة، ولم يقل إذا كانت المشكلة اجتماعية، او عاطفية، او مالية، أو وظيفية \”كما يفعل العالم الفلكي في الفضائية العربية، وفي إعلاناته الأرضية\” عندما يعلن \”صراحة\” أن لديه حلولاً لكل مشاكل البشر \”عاطفية، مالية، اجتماعية، نفسية، قهرية، سياسية، وظيفية، الخ،.. الخ..\”
وكما يفعل ذلك، ويمارسه كثير من الدجالين \”سرا، وعلنا\” مطبقين في ذلك المثل العربي القديم – رزق الهبل على المجانين.
وكنت أتمنى لو أنني التقيت بصاحب الاعلان لأسأله عن \”نوعية المشاكل\” القادر على حلّها مقابل هذا الرسم الرمزي الضئيل جداً والذي لا يتناسب مطلقا مع حل اي مشكلة مهما كانت سهلة،وعادية، وبسيطة \”إلا أن يكون – حلال المشاكل – متعاطفا مع الفئات البسيطة في المجتمع، ويسعى الى خدمتها، وحل مشاكلها بعدة ريالات لا تتجاوز أصابع اليدين..\”.
كنت أتمنى لو التقينا معاً داخل الجريدة لأعرف منه أسرار هذه المعجزة الخارقة في حل المشاكل، أو هذا الصدر الواسع في استقبالها أولا، وحلها ثانيا، وتخليص المجتمع منها ثالثا، ولماذا هذا الاصرار على \”خفض الرسوم\” لهذه الدرجة المتدنية، وهل ضمن اسلحته في حل المشاكل استخدام الوجاهة، أو استخدام السحر، أو الاعتماد على الخبرة، والمهارة، والفن، أم أنه يستخدم وسائل، وأساليب يعجز عن معرفتها \” الجن الأزرق\” وهو لذلك لا يمكنه كشفها، والحديث الصحفي عنها باعتبارها من أسرار المهنة، وإذا تحدث عن بعض اسرارها، وافشاها فهو في طريقة لأن يفقد مهنته، ومصدر رزقه، او يفتح الطريق على نفسهه فيتدخل في شؤونه \”كل من هب، ودب\”..!
ووعي إدارة الإعلانات \”في عدم سماحها بنشر هذا الإعلان الساذج، والخبيث\” حمى كثيرا من البسطاء، وغير البسطاء من الوقوع في \”حبائل\” إعلان من هذا النوع الغريب، والمثير، والمدهش – وربما غير المسبوق – فمن يصدق أن هناك من يحل المشاكل \”العادية، والمستعصية\” بعشرة ريالات، وفي ظرف اسبوع واحد.
المبلغ المطلوب سهل الدفع، سهل التوصيل، والذين لديهم مشاكل، ويريدون حلها في أسبوع يصعب حصرهم، أو عدهم، أو تحديد نوعياتهم، وسيكون صاحب الإعلان \”إذا كان يعاني من أزمة مالية مثلا\” قد تخلص منها مؤقتاً بهذه العشرات المتدفقة علايه من كل جانب.. وعدم السماح بنشر الاعلان سيجعل صاحبه حلال المشاكل يبحث عن حل لمشكلته، ولن يكون هذا الحل بعشرة ريالات..؟\”.
التصنيف: