سوقطرة وسياحة الخليج

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

يأتي الطليان والفرنسيون بالدرجة الأولى الى سوقطرة بحثا عن مكان لا يزال طبيعيا لم تشُبْه الحضارة الغربية وادواتها الحديثة، وبعدهم الألمان.
وسوقطرة جزيرة يمنية تشكل الاكبر والاوسع من ارخبيل من الجزر يجاورها كلها جزر أصغر وقليلة السكان. وهي مشهورة بمجموعة من النباتات والحيوانات البرية والطيور النادرة لجميع هواة ما يندر مما خلق الله. وعلى سواحلها تقع الشطآن المتنوعة من مرجانية الى بيضاء صافية كالزلال الى ذهبية بامتداد البصر.
والخدمات السياحية قائمة على أساس ان القادمين يريدون الطبيعة والخلاء كما هو، ولا يبحثون عن فنادق مرفهة ولا سهرات صاخبة. فهذه الأشياء متوفرة في بلدانهم أو في جزر أخرى شبه مصطنعة موجودة في أغلب شطآن آسيا والامريكتين.
توفر الجزيرة مواقع للتخييم وخياماً لمن يرغب فيها، وتعتمد وجبات الغذاء على سمك الجزيرة المتعدد الألوان أو على الماعز التي تشتهر بتربيتها مراعي الجزيرة وجبالها.بالقليل من الأموال يمكن قضاء اسبوع عائلي أو لمجموعة من الشباب او الشابات عبر وكالات سياحية تقدم خدمات التخييم والمواصلات والدليل السياحي الذي يقوم في الغالب هو والسائق بإعداد الوجبات.
حضارة وبداوة:
ورغم كثرة البدو الرحل في الجزيرة العربية والخليج الذين يسافرون الى اوربا وآسيا، فإنهم لا يأتون الى سوقطرة سائحين. ربما لأن حداثة عهدهم بالطبيعة الصحراوية لا تحفزهم الى الذهاب الى اماكن اخرى فيها مناظر جميلة فقط.
وفي الحقيقة ان رحلتي الاولى الى هذه الجزيرة هي ايضا لم تتم الا بسبب صديقة المانية ألحت في الذهاب حتى أثارت فضولي للمعرفة. وبصحبة صديقتين اخريين ذهبنا نحن الاربع لكي نستكشف مكانا أذهلنا بجمال طبيعته ونقاء الهواء فيه حتى صارت عادة الذهاب كل عام الى الجزيرة جزءاً من برنامجي السنوي.
في الرحلة الأولى كان المبيت داخل خيمة على الشاطئ صعباً للنوم. فصوت البحر لإحدى بنات الجبال مثلي يحتاج الى وقت طويل حتى تتم الألفة. ومرور سرطانات البحر من فوق جدار الخيمة ينعكس بشكل مضخم مع ضؤ القمر المكتمل فينقل شعورا بالرهبة لا يأتي معه النوم.
كما كان التخييم في الوديان على شواطئ الجداول العذبة الصغيرة تجربة أخرى غير سهلة. لكنها ذكريات لا تنسى لزمن عاشه اجدادنا في هذه المناطق وغيرها كحياة يومية معتادة. وبالرغم من أن الفرصة للسباحة وللاستحمام بعدها بالماء العذب كان متاحاً فقد كانت العودة الى المدينة العاصمة في الجزيرة وهي حديبوا مصدر راحة ليس لها حد.
أن الذهاب للسياحة في مثل هذه الجزيرة وبالعودة الى الطبيعة التي كان يعيش عليها الناس في ازمنة قديمة هي رحلة داخل الزمان وداخل الروح في وقت واحد. تجعلنا مثل هذه الرحلات نعود الى حياتنا اليومية مستمتعين بما جلبته الحضارة البشرية من كهرباء وادوات مختلفة تسهل علينا الكثير من صعاب الحياة المعاصرة، وفينا قليل من الروحانية والنقاء.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *