[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

نعيبُ زماننا والعيبُ فينا. وما لزماننا عيبٌ سوانا. حقاً عاش آباؤنا وأجدادنا حياة الكفاف والبساطة رغم أنهم كانوا يحتلون مكانةً كبيرة اجتماعية وثقافية إلى جانب أنهم أصحاب مناصب إدارية كبيرة وكانوا رحمهم الله أصحاب عفّة نفسية عصاميين. اتسمت حياتهم بالتعقُّل والرويِّة إلى جانب النزاهة والصبر والحُلم . تراه في غاية الأناقة ودخله الشهري الله يعلمُ به. عدد الأنفُس التي يعيلها وعدد الأيتام الذين يتولى رعايتهم ليس بالعدد البسيط رغم انه يعيشُ على الكفاف والبساطة، فعزة النفس وعُلوّ الكرامة لم تجعله يسطو على تلك الأموال ولم يتعدّ على المال العام فعاش في حدود دخله المعلوم واستدان في حدود إمكاناته وأدى واجبه ورسالته في هذه الحياة على الوجه المطلوب تحفهم عنايةُ الله وسِتره.
أما في عصرنا الحاضر وقد انفتح المجتمع وتغيّرت فيه العادات والمفاهيم والاتجاهات وتسابق الناس مع الزمن. فالكُل يريد أن يتخرّج ابنه من الجامعة ويُبتعث كذلك، والكُل يريد أن يبني عمارة مثل أخيه أو جارِه والكُل يريد أن يُصبح ثرياً. الجميع يريد أن يُعلِّم أبناءه في مدارس خاصّة أو خارج بلاده كما يفعل الأثرياء. تطوّرت الطموحات وقلت القدرات القيم والمبادئ .. وأصبح الاتجاه العام لدى الكثير من الناس مثلما يقول المثل المصري: (اللي ما عنده قرش ما يساوي قرش) هذه العبارة تجعل الإنسان رخيصاً عبداً للدرهم والدينار .
فالأمانة والنزاهة والصدق جميعها هي مفاهيم سادت ثم بادت في نظر هؤلاء يريد الكثير أن يتسابق مع الحضارة ويقتني أجمل التقنيات الحديثة. فأصبح المظهر يغلبُ على المضمون فشاعت المظاهر الكاذبة وازدادت الأمراض النفسية الشائعة وضعف الوازع الديني وضاعت القدوّة بين هذا وذاك فأصبح القدوة هو صاحب المالِ فقط. وأيّ مال ومن أي مصدر، فالطفرة المالية قلبت الموازين في مجتمعنا رأساً على عقب فأصبح من أهم مظاهرها ما نراه اليوم في مجتمعنا من التفكك الأسري والفقر الموحش، ونواجه خطر المخدرات والعنف الأسري بأنواعه والاعتداء على الأعراض والطلاق . وازدادت العنوسة بفضل الإعراض عن الزواج والاستقرار وتكوين الأسرة فبعد أن تغيرت الأخلاق أصبح كبارُ السن من البسطاء في مجتمعنا المُسلم المحافظ ينكرون على مجتمعهم هذا التفكك.
أما ما زاد الطين بلّة فدخول العمالة الأجنبية لسوق العمل بأعداد كبيرة وعاداتٍ وتقاليد ومبادئ مختلفة. فزاد هذا من الانحدار والتمزُق والفساد والقيام بأعمالٍ جنائية لا تمُت للمجتمع بأيِّة صلة. وهذا أحدث اهتزازة قويّة في بُنيتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية. إلى جانب هبوط الأسهم وارتفاع الأسعار وقلّة الموارد مما ترتّب عليه أن يدفع المجتمع ضريبة ليست بالبساطة بمكان من سماته وصفاته وأخلاقياته. فأصبح التدخل من قبل الجهات والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وعُلماء الدين وأصحاب المال والفكر والإصلاح واجباً يحتم عليهم إعادة هيكلة المجتمع وتطبيعه بما ينسجم مع مفاهيمنا واتجاهاتنا الدينية. فإنقاذ المجتمع من الأمراض النفسية والاجتماعية والدينية يتطلب عزيمة قوية من هؤلاء لإعادة ميكنة المجتمع على أسسٍ اجتماعية وثقافية ودينية سليمة حتى نكون مجتمعاً إسلامياً محافظاً طيباً له صفاته القيادية كما كان عليه آباؤنا من قبل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *