[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ليلى عناني[/COLOR][/ALIGN]

تمر الأيام كلمح البصر وتشعرنا أن الأرض التي نعيش عليها تحملنا على متنها وتدور بنا سريعاً لتُلقينا بعيداً عن عوالمنا في فضاء عجيب لا يمكننا أن نتصل فيه بمخلوق ونتناثر بعيداً عن بعضنا البعض! هكذا هي دنيا هذا الزمان، تلقفنا وتأخذنا في أحيان كثيرة خفية عن مشاعرنا كما تأخذ وقتنا كله ليكون مرهوناً بأشياء أخرى كوظيفة مثلاً قد تدمجنا في دهاليزها وتبعدنا عن مجتمع كانت العلاقات الاجتماعية هي سماته ولا ندم لذلك فدواعي الحياة والمعيشة تجبرنا على التضحيات راضين.
نشأنا وترعرعنا في هذا الكون لنؤدي دورنا فيه، وقد تكتفي بعض النساء بأمومتهن وتربية أبنائهن والقيام بشؤونهم ومن هنا تمحي سعادتهن شعورهن بدوران الكرة الأرضية السريعة فبعضهن تنام وتكتفي بنوم هادئ وتستيقظ لتباشر أعمال منزل تملك وقتها كله بين جدرانه، مما يحجب عنها ضيق الوقت وتصبح في أغلب أوقاتها سعيدة.
أما السيدات العاملات فقد تملكتهن الوظيفة بل استعبدتهن بمسئولياتها التي لا تنتهي وتمنين أن يكون اليوم أثنين وسبعين ساعة بدلاً من أربع وعشرين كي يتمكن من إنهاء أعمال لا تنتهي فخدمة المجتمع ستظل مستمرة وإذا غابت الأيام المرهقة لن تغيب المسئوليات الدائمة فهي لم تشعر بالدوران فحسب بل بالطيران المستمر أيضاً وتجدها كذلك من السعداء مع فارق بسيط ألا وهو العمل خارج جدران البيت وبعيداً عن رسالتها الحقيقية في هذه الحياة خاصة إن كانت غير متزوجة أو أرملة أو مطلقة وما أكثرهن في مجتمعنا بل وكذلك في أماكن العمل، تضحيات لا تنتهي ومسئوليات تزيد وتكبر مع الأيام وإن كانت الأيام طائرة لن تطير معها الواجبات.
المرأة في مصاف العاملين تدور ساعات الأيام والشهور والسنين على تروس حياتها فتخلع عنها راحتها وسكونها لتحل مكانها ريالات في كثير من الأحيان لا تكفي ولا تسد احتياجاتها ولكن تعمل بأقوال من قال: ليس عندي إلا مصباح واحد يرشد قدمي ويقودهما لذلك هو مصباح الاختيار، إذن ليس لديها إلا الإختيار الصعب ألا وهو الإرتباط بالوظيفة وإن دارت بها الأرض ونثرت أشلاءها في كل الإتجاهات وإن حجبتها عن مجتمعها فلن تكون هي المرأة الوحيدة أو الأخيرة وكم من النساء تعصرهن الأيام بعيداً عن بيوتهن وأحيانا عن عيالهن ووالديهن، تحاصرهن عصارات قد تكون في هيئة التزامات إجبارية أو بإرشاد من أشخاص حجرية .. والمخيف هنا إذا كانت إدارات العمل متمثلة في أناس مختفين خلف غابات العمل التي يأكل فيها القوي الضعيف والغافل عن حقوقه في العمل وما أكثرهن! ورغم ذلك ستظل الحياة تسير والأرض تدور وإن كانت تحمل بين طيات أيامها تعبا كثيرا وألما كبير.. وقد صدق أبو العلاء المعري حين قال:
تعب كلــها الحياة فما أعـــــجب إلا من راغب في ازديـــــــــــاد
إن حزنا في ســـــــــاعة الموت أضعاف ُ سرور في ساعة الميلاد
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *