من المحبرة ..إنه زمن تغير كثيرًا

• علي محمد الحسون

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

كان (عم) صالح عندما يطرق أذنه نداء صلاة الظهر من مئذنة المسجد النبوي الشريف بذلك الصوت الشجي وهو في دكانه في باب المصري يقف في هدوء ويسحب ذلك الغطاء الشفاف ويسدله على تلك الأكوام الصغيرة من تلك النقود المرصوصة أمامه.. هذه فئة ربع الريال الفضة وبجانبها نصف الريال وفي الطرف الآخر من فئة الريال وخلف ظهره معلقة بعض النقود الورقية.. هذا جنيه مصري وذلك دولار أمريكي.. وتلك روبية هندي وكل أنواع (العملات). فالوقت بداية (موسم حج) والناس في حاجة إلى (صرافة) بعض النقود.. يضع عم (صالح) ذلك الشرشف على هذه (البغليلة) التي لا تخلو من بعض الجنيهات الذهبية أيضا وهو مطمئن ويأخذ طريقه إلى (المسجد) بعد أن يكون (مر) على المقهى في إحدى زوايا سوق (سويقة) أو ما تعارفنا عليه بسوق القماشة (يسبغ) وضوءه في اطمئنان ويذهب إلى أداء صلاة الظهر وبعد أن ينتهي من الصلاة يتلكأ عند بائعي «علب» رطب الحلية من الذين يفترشون ساحة باب السلام بعد الصلاة ويأخذ له كم علبة يفعل كل هذا وهو – هادىء – النفس لا يخشى يداً تغدره وتسلبه ما تركه تحت ذلك الغطاء الذي تتوسطه تلك (الشبكة) من الخيوط الصغيرة لتبين ما تحتها. أو ذلك (الباب) «في بيتنا الكبير» الذي لم نكن نجرؤ على إفعاله على مدى أربعة وعشرين ساعة بلا خوف أو حتى مجرد إحساس بهذا الخوف. هل الناس الآن هم غير الناس أم ماذا؟ ونحن نسمع ونقرأ كل يوم عن هذه التعديات والسرقات التي تفجعنا نتساءل عن هذه (المجموعات) التي دخلت بلادنا في غفلة أو تركوا في غفلة فاستغلوا فينا طيبتنا فأسكناهم في مساكننا دون أن نعرف من هم؟ ومن أين أتوا؟ وماذا يفعلونه؟ فسرقوا هدوءنا مع ما سرقوا. إنه زمن تغير كثيرًا جدًا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *