وأنت يا مفتش وزاري
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]جمعان الكرت[/COLOR][/ALIGN]
حكاية امتد عمرها لما يزيد عن نصف قرن إذ إن شكوى كيدية وصلت إلى وزارة المعارف (المسمى السابق) بأن مدير مدرسة لا يحمل مؤهلاً يقوم بتدريس تلاميذ المرحلة الابتدائية وكان النظام آنذاك لا يستند على مؤهل معين إذ يمكن لخريج الصف السادس التدريس.. وبما أن مدير المدرسة من هذا الصنف فإنه يقوم بتدريس طلاب الصف السادس القرآن الكريم ومواد التربية الإسلامية .وجاء المفتش الوزاري على هذا الأساس كي يتبين الحقيقة .وما إن زار المدرسة المحددة في الشكوى حتى استقبله مدير المدرسة دون أن يعرف حيثيات الشكوى ظناً أنه يزور كغيره من المفتشين مدارس المنطقة .وكان لزيارتهم الأثر الكبير ليس على مستوى المدرسة بل على مستوى القرية بكاملها .رحب مدير المدرسة به ترحيبا حارا واستأذنه إن كان يرغب في زيارة أحد معلمي المدرسة فكانت المفاجأة إن الزيارة ليست للمعلمين إنما هي لمدير المدرسة ذاته .أدرك المدير بذكائه وفطنته أن في الأمر شيئا وقال وبكل ثقة هيا إلى الفصل لمشاهدة الحصة الدراسية .ولم يكن المدير معلما فقط بل كان عالما إذ يلقي خطب الجمعة في مسجد قريته. بل إذا حدث لهم التباس في بعض المسائل الفقهية والشرعية يعودون إليه. وكان الدرس وقتها في مادة الفقه عن عورة الرجل والمرأة وأخذ مدير المدرسة يشرح درسه الفقهي للتلاميذ. ولأنه فقيه و عالم خرج عن إطار الدرس ليمتد شرحه لتوضيح موضوعات متعلقة بذات الدرس وسأل عن عورة الأمة ..وكان يهدف تحويل السؤال إلى الموجودين من مفتشين. انعطف إلى مفتش إدارة التعليم .فوقف مبهوتا ولم يجب لأن الكثيرين منهم في ذلك الوقت لا يخرج عن الأقواس يلتزمون بالمقررات الدراسية . ثم التفت قاصدا المفتش الوزاري وطرح عليه السؤال نفسه وقال : وأنت يامفتش وزاري ! الذي اعتذر بخجل.. وطلب الانصراف من الفصل تاركا للمعلم العالم أن يكمل درسه ويشرح موضوعه لطلابه الذين وصل بعضهم إلى مراكز قيادية في عدد من الوزارات ومن بينها وزارة التربية والتعليم . وكان يجدر بالمفتش الوزاري أن يكن فطنا ..وليس هناك داع لأن يدخل في مواقف محرجة .. لو أنه طرح موضوعا فقهيا على طاولة مدير المدرسة ليتبين إن كان يحتاج إلى إجراء آخر أو أنه يطلب زيارات جميع معلمي المدرسة بما فيهم مدير المدرسة إلا أنه أوقع نفسه في حرج ما زال راسخا في أذهان الكثير من رجالات التربية والتعليم إلى وقتنا الحاضر رغم مرور نصف قرن على الحكاية وكأنها حدثت يوم أمس . بعض المفتشين أو الموجهين أو المشرفين يقومون بعمل خلاق يمتد لسنوات طويلة وآخرون ..اعتذر عن الإكمال.. إلا أنني أقول الإشراف التربوي أحد أهم مرتكزات العملية التعليمية والتربوية والتي ينبغي أن تسند إلى أصحاب القدرات العالية والمهارات الجيدة والحصيلة الثقافية والتربوية الزاخرة التي تؤهلهم لممارسة العمل بكل اقتدار.. لأن مفاجآت المواقف التربوية والتعليمية لا تحتاج إلى إجراء آلي بل إلى استيعاب كامل لمهام وأدبيات العمل الإشرافي. لأننا نخشى أن يقع بعض ممارسي هذا العمل كما وقع صاحبنا المفتش الوزاري .أو كما جسدته رسمة فنان الكاركتير خالد بن أحمد في أخيرة صحيفة الوطن وأثارت جدلا كبيرا في لقاء نائب الوزير معالي الدكتور سعيد المليص بالتربويين في تعليم جدة.
* متى تُحل المشكلة ياغرامة؟
تحولت قضية مديرة التدريب التربوي بتعليم محافظة الطائف إلى قضية كبيرة جداً على حد قول نائب مدير إدارة المتابعة في وزارة التربية والتعليم الأستاذ غرامة الأسمري وأشار في تصريح له قبل أيام قلائل بأن هناك عدة أطراف تدخلت في القضية وهي إدارة التدريب التربوي ، إدارة الأشراف ، إدارة المتابعة ، الإدارات النسائية وشؤون المعلمات .. ويؤكد الأسمري أن القضية مضى عليها أكثر من عامين وما زالت تُبحث .. ولا ندري متى تحل الوزارة هذه القضية ؟وهل يمتد بها الزمن لتصبح قضية دولية متأزمة لتحتاج إلى عدة أطراف دولية للتدخل في حل المشكلة ؟ سنتان وقضية مديرة التدريب بتعليم البنات بالطائف لم تحُل ! شيء يثير الدهشة.. إذا كانت المديرة مظلومة فمن يرد لها حقوقها ؟ وإذا تمكنت إدارة المتابعة من ذلك فمن يعوضها أتعاب سنتين كاملتين؟ ولماذا أساساً لم يُنظر في حيثيات القضية بعدالة وعدم حيف على أي طرف كان .
المثير هو تعليق بعض القضايا وتركها مهملة للزمن .. ولا يوقظها ويخرجها من بين ركام الأوراق ومن داخل الأضابير إلا جهتان هما ديوان المظالم أو حقوق الإنسان .. عندها تستنفر الإدارات التعليمية .. أو حتى الوزارة قواها للمبادرة في وضع الحلول المناسبة .. أما إذا لم يأت شيء فتظل القضية في بيات.. ليس شتوياً فحسب بل بيات سنوي .. لتضمر وتموت .. ويموت حق صاحبها .
التصنيف: