[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مصطفى محمد كتوعة[/COLOR][/ALIGN]

العالم يعيش أزمة اقتصادية طاحنة أثرت على دول عظمى ونامية وبورصات وبنوك وأغنياء وفقراء على السواء، لكن السؤال الصعب هو لماذا حدثت الأزمة وكيف نتعامل معها.
المحللون قالوا الكثير ، وأفاضوا ، ومن زوايا عدة ، وفي قنوات عدة، ولكني توقفت طويلاً عند ما قاله رجل الأعمال والإعلام المعروف الشيخ صالح عبدالله كامل وذلك في الأمسية الفكرية الاقتصادية التي حضرها كوكبة من رجال المال والأعمال والاقتصاديين والأكاديميين وشخصيات المجتمع ونشرتها العزيزة \”البلاد\”، وقد تحدث عن الأزمة الاقتصادية وأصاب كبد الحقيقة وأفاد وأجاد التحليل كعادته وتشخيص الحالة، ثم طرح السؤال الكبير : ما الحل؟
لقد أعدت قراءة كلمته وأفكاره التي طرحها على الحضور ومن أجل القراء، وقرأت تحليله العميق والدقيق، وكأن بأبي عبدالله أراد التأكيد على ضرورة تصحيح المسار للاقتصاديات العربية والإسلامية لتنجو من خضم الأزمة ونيرانها بأقل الخسائر، بعد أن خنقت بشدة عنق الاقتصاد العالمي وكشفت انحراف طبيعته عن الهدف الحقيقي للمال في رخاء البشر واستقرارهم وتكافلهم، فالنموذج الرأسمالي الغربي يقوم أساساً على تضخيم الأرباح دون جدوى حقيقية تزيد انتاجا أو تخلق فرص عمل أو تنقذ البشر من الفقر، وقد أوجز الشيخ صالح عبدالله كامل القضية في جملة واحدة دقيقة وأصاب كبد الحقيقة فيما أسماه \”الاقتصاد الطفيلي\”.
ومما قاله: ان الذي حدث صوره القرآن الكريم أبلغ تصوير في قوله سبحانه وتعالى: \”إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس..\” الآية. وقوله عز وجل : \”فأذنوا بحرب من الله ورسوله..\” الآية.
ويضيف الشيخ صالح كامل : ان هذا التصوير البديع هو الدال على هذه الحالة التي يعيشها العلام هذه الأيام، ففي الإسلام الصحيح اذا ما طبقناه تطبيقا حقيقيا حل كل شيء، ولكننا لم نفهمه الفهم الصحيح.. وهنا يضيف: هل هناك حلول لهذه الأزمة؟!.. هكذا يتساءل البعض، والله أعلم ، فليس هناك ملامح لنهاية هذه الأزمة. وهنا يرى العامل الأول في الأزمة هو البعد عن الذهب كرصيد يغطي العملات، فالدولار هو الأساس في التعامل، وهنا يشرح الشيخ صالح هذه النقطة بأننا نحن نبيع البترول بالدولار، واليابان تبيع سلعها بالدولار والجميع يتعامل بالدولار، فأصبحت هذه العملة هي الوحيدة التي يرتكز عليها الاقتصاد العالمي، ففلوس العالم كلها عند أمريكا.
هكذا يخلص في تحليله، ويضيف ما أقتبسه من كلامه وما رواه بأن هذا يذكرنا بتلك الحكاية التي تقول إن رجلا كان مدينا بألف ريال، وأصبح قلقا لا ينام الليل وهو يفكر في هذا الدين، وذات ليلة قالت له زوجته: ما بك، فأخبرها، فما كان من الزوجة الا ان نادت بصوت مرتفع على جارهم صاحب الدين قائلة: \” يا ابو فلان ، ترى ما عندنا ألف ريال لنسدد لك دينك\”. والتفتت إلى زوجها قائلة \”نَام انت وخليه هو يِصْحَى\”، هكذا امريكا تنام والعالم كله صاحٍ !!.
ولكن ماذا عن الحل؟ هنا يأخذنا بعقليته الاقتصادية وفكره العميق حيث يقول:\”لدينا إمكانية وجود اقتصاد حقيقي في الزراعة والصناعة، ثم لماذا هذه الارتفاعات في العقارات وهذه الأبراج، ولماذا الانسياق خلفها بهذا الشكل؟ هكذا يتساءل ويجيب بأن بناء الاقتصاد على شيء منتج هو الطريق الصحيح، ولا بد من الالتفات إلى الزراعة والاستثمار فيها في دول عربية لديها مخزون مائي وأراض خصبة وكذلك الصناعة وهذه هي مرتكزات الاقتصاد، وليس في العمارات وناطحات السحاب.
لقد تحدث الشيخ صالح كامل أيضا عن الأسهم وتساءل: لماذا الارتفاع الهائل والكبير؟ وقد فرح الكل بالصعود غير المعقول للأسهم، ولكن كما صعدت بشكل غير معقول فقد هبطت أيضا بنفس الوتيرة، وهذا يعيدنا إلى ما اسماه بالاقتصاد الطفيلي الذي لا يضيف وظيفة واحدة وكذلك السلع الدولية التي أوجدت ثقافة الاستهلاك، بينما الذين استفادوا هم السماسرة وخسر المزارعون حيث انخفضت المزروعات، والخلاصة كما قال ان الاسلام يحدد أن تقبض وتستلم ما اشتريت ثم تبيعه، لا أن تشتري سمكا في ماء ثم تبيع ذلك السمك دون أن يكون في حوزتك، وهذا الإغفال لمفهوم الاقتصاد الاسلامي هو سبب تلك الأزمة، وللأسف الشديد فإن السلع العالمية والبورصات في كل المجالات المالية والاقتصادية تبيع السمك في الماء وتتضخم الأرباح بالمضاربات ثم تهوي على الجميع بمطرقة حديدية، وهذا هو الحاصل الذي أوضحه رجل الاقتصاد المعروف الشيخ صالح كامل.
كل الشكر على هذه الرؤية ونتمنى مزيداً من التحليلات منه ومن رجال الاقتصاد، وقد سبق أن تناول أزمة الغلاء عبر أكثر من حلقة في قناة \”اقرأ\” وهذا ما تحتاجه مجتمعاتنا للتوعية في عصر يأخذ فيه المال الإنسان والإنسانية بعيداً إلى غياهب المجهول، ونسأل الله العفو والعافية والرشاد.
حكمة:
ازرع كل يوم.. تأكل كل يوم
للتواصل: 026930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *