التنظيمات الادارية والمصالح الذاتية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني [/COLOR][/ALIGN]

التنظيم الإداري ووضع الإجراءات والأساليب والتغيير المستمر في الإدارة أمور تتطلب مواصفات وشروطاً معينة قبل إعدادها وأثناء وضع صياغة نصوصها، لأن ذلك الأمر يفرضه حسن استعمال السلطة بحيث يتم مراعاة تلك الشروط واستحضار طبيعة العمل وبيئته، والنظرة المستقبلية إلى من سيقوم بتنفيذه والجهات المستهدفة من ذلك التنظيم، وذلك قبل البدء في تنفيذ أي إجراء أو إحداث أي تغيير، وهذا أمر في غاية الأهمية، لابد من مراعاته والنظر إليه بجدية وتدقيق وتأنٍ، فمن الثابت أن التنظيم الإداري لا يكون ناجحاً ما لم يكن قد استوفى النظر في المشاكل القائمة وخلص إلى معرفة الأسباب الحقيقة التي أدت إلى السلبيات والقصور والتأخير في الإنجاز، ووقف على العناصر التي تسببت في ضعف مستوى العمل وعدم إتقانه، وبالتالي عدم رضا الشريحة المستهدفة من تقديم الخدمة، ومعرفة الجوانب التي كانت وراء عدم تحقق الأرباح – في حالة ما إذا كانت جهة العمل تستهدف الربح – كل ذلك لابد من النظر إليه ودراسته وفحصه والتدقيق فيه، قبل القيام بأي تنظيم إداري، لأنه يفترض أن يكون التغيير وإجراء التنظيمات الإدارية الجديدة من أجل السعي إلى الأفضل وهذا يتطلب معرفة ما هو قائم مع معرفة ما سيستجد وإجراء المقارنة بين الأمرين، للوقوف على أيهما أفضل من جميع النواحي، ذلك أن علاج أي مشكلة يتطلب بداءة معرفة الأسباب فإذا عرف السبب سهُل العلاج. وإذا لم يكن هناك مشكلة أو خلل في الإجراءات أو قصور في أداء العمل فإن التغيير أو إجراء تنظيم جديد قد لا يكون مجدياً لعدم مسيس الحاجة إليه. وهو كمن يتعاطى أدوية وعمليات جراحية دون وجود أمراض معينة تستوجب ذلك مما سيكون لها انعكاسات سيئة وسلبية على العمل. فليس من السهل على العاملين قبول تغيير الأساليب والطرق التي ألفوها والإجراءات التي عرفوها والانتقال إلى أساليب جديدة غير مألوفة ولا معروفة ومرهقة فكرياً وجسدياً، مما يستوجب التوقف عن إجراء أي تغيير ما لم يكن يصب في مصلحة العمل والعاملين، فما دام أن الأهداف تتحقق بطريقة معينة والعاملون يؤدون العمل وفق ما هو مطلوب، فإن تغيير الطريقة مخاطرة غير محسوبة مهما كان ظاهر الأمر حسناً وجميلاً وعصرياً.
ومن الملاحظ أن بعض المسؤولين ما إن يتم تكليفه برئاسة أحد المرافق العامة أو الخاصة إلا ويبادر إلى إجراء تنظيمات ووضع أساليب وإجراءات جديدة دون تروٍ أو تمحيص، وقد يشمل ذلك حتى النواحي الشكلية من أثاث المكاتب وكيفية وضعها وطريقة الاتصال بين الرئيس والمرؤوس، ويستعجل في تنفيذ ذلك الأمر رغبة منه في وضع تغيير جزئي أو كليّ بهدف أن يستشعر العاملون بوجود تغيير في نمط العمل وأن الأمر الآن غير سابقه، ويروم بذلك التغيير الوصول خلق صورة جديدة ومغايرة في أذهان العاملين عن الوضع السابق، ليتم التأثير عليهم نفسياً وتهيئتهم لقبول هذا التغيير وأن عليهم أن يتأقلموا ويندمجوا مع الوضع الجديد، فكل شيء حولهم قد ألبسه ثوب التغيير، وعليهم أن يغيروا من أسلوبهم وسلوكهم طبقاً للوضع الجديد، ويظن أنه بذلك يُسهل الطريق في تنفيذ خطته التي يريد العمل من خلالها ويتمكن من خلالها من بسط نفوذه وسلطته على العاملين.
ولأنه لم يتمهل ويعطي نفسه مزيداً من الوقت لمعرفة الإجراءات الصحيحة والمناسبة ولم يسبر خبرة العاملين من خلال التجربة والممارسة للوقوف على معرفة الكفاءات والقدرات من العاملين ليتخذ منهم معاونين ومساعدين فإنه قد يختار المتملقين والمدّاحين ومساحي الجوخ لكونهم دائماً – وفي كل زمان ومكان – من السباقين في الاتصال بالمسؤول الجديد والتملق له من الوهلة الأولى، أو يختار كفاءات عملت في مجالات أخرى غير ذلك المجال المعني بالتنظيم ، لمجرد معرفته بهم أو تزكيات قد لا تكون صحيحة، فيحدث تنافر بين العاملين السابقين والقادمين مما يؤثر سلبياً على العمل. ولهذا فلا يستبعد أن يضع من التنظيمات والإجراءات ما هو أسوأ مما هو قائم ويجبر العاملين على تنفيذ ذلك والعمل به، وبالتالي يسوء العمل ويضعف ولاء العاملين وتهدر الكفاءات وتبسط المحسوبية والمحاباة رداءها في أرجاء ذلك المرفق. وإذا أحدٌ انتقد ذلك التنظيم، سارعوا إلى وصفه بأنه من الحرس القديم وأنه لا يصلح في الإدارة الجديدة وأنه من أعداء التغيير.
ومن سؤ استعمال السلطة أن يكون التنظيم كما هو متبع وملاحظ ومشاهد بل وملموس في بعض الشركات بالذات إذ أن كبار المسؤولين فيها يسارعون إلى وضع تنظيمات وأساليب وإجراءات في محيط العمل قد تختلف عن التنظيم السابق بشكل كلي. وليتهم يفعلون ذلك من خلال دراسات متأنية ومعرفة للسلبيات الموجودة ولكنهم يفرضون ذلك التنظيم الجديد من أجل التغيير والمصالح الذاتية وحسب.
الكثير من التجديديات والتغييرات في بعض المؤسسات والشركات لا تكون مبنية على حاجة ماسة إليها كما أنه لا يسبقها دراسات دقيقة ومتأنية لمعرفة مدى تأثيرها على العاملين والعمل. والطامة الكبرى حين يلجأ المسؤول إلى نقل تجربة تنظيم وأساليب وإجراءات شركات أو مؤسسات خارج الوطن فيطالب بتطبيقها في تلك الشركة التي تختلف بيئتها وطبيعة العاملين بها عن تلك الشركة الخارجية، بل وقد تختلف طبيعة العمل ونوعيته، وذلك لمجرد الرغبة في التجديد ونقل تجارب الآخرين فهو يظن أن نجاح التجربة في تلك الجهة الخارجية كفيل بنجاحه هنا وهذا من سؤ التقدير وعدم القدرة على معرفة الفوارق والاختلافات بين الجهات المعنية بالتنظيم وخلو فكره من القدرة على استنباط النتائج والتنبؤ بالمستقبل. وكان أجدر به أن يضع من الأساليب والإجراءات التي تتفق ومتطلبات العمل في تلك الجهة التي يرأسها وترفع من مستوى العاملين ودرجة الإتقان ما يكفل البقاء على ولاء العاملين ومنهجيتهم وعدم إرباك أدائهم أو تشتيت أفكارهم وتغير نمط الأداء ليكون بذلك قدوة للآخرين ومدرسة يتعلم منها الآخرون وليس تبعاً ومقلداً للآخرين.
اللهم أهدنا إلى سواء السبيل فأنت ولي ذلك والقادر عليه .
ص . ب 9299 جدة 21413
فاكس 6537872
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *