اتفاق جيبوتي . . ومستقبل غامض لمصالحة الصومال

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد إبراهيم[/COLOR][/ALIGN]

وقعت الحكومة الصومالية الانتقالية وتحالف إعادة تحرير الصومال المعارض \” جناح جيبوتي \” في ٢٦ أكتوبر الماضي في جيبوتي اتفاقية وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإثيوبية من الصومال، وذلك بعد الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين منذ إجراء الجولة الأولى في مايو الماضي .
ويتساءل المراقبون السياسيون والشعب الصومالي المنكوب عن إمكانية سريان اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين وتطبيقها على أرض الواقع قياسا على الاتفاقيات العديدة التي وقعها القادة الصوماليون في عواصم دول المنطقة خلال السنوات الثماني عشرة الماضية، والتي كان مصيرها جميعا الفشل .
كما يتساءل البعض أيضا عن الوزن السياسي والعسكري الذي يمثله الجناح الإسلامي الموقع على الاتفاقية مقارنة بالأطراف الإسلامية الأخرى المعارضة للاتفاقية وللتفاوض حتى ترحل القوات الإثيوبية أولا، والتي أعلنت عزمها مواصلة القتال حتى إخراج آخر جندي إثيوبي من الصومال، كما يكتنف الشك والغموض البعض الآخر من النوايا الإثيوبية ومدى جدية الإثيوبيين في الانسحاب من الصومال .
ويشكك آخرون في التزام المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداته ودعم الأطراف الصومالية الموقعة للاتفاق وتوفير القوات الدولية التي تتطلبها تلك العملية، وخصوصا إذا وضعنا في الاعتبار فشل تجربة الأمم المتحدة السابقة في الصومال عام ١٩٩١، والآثار السلبية التي تركتها تلك العملية على الدول الكبرى التي قادت تلك العملية .
من الحرب إلى التفاوض
أول ما يلفت الانتباه هو أن الأطراف الصومالية التي وقعت الاتفاقية حاليا لم تكن مستعدة في الماضي للتفاوض، بل كانت ترفض التفاوض كمبدأ لحل المعضلة الصومالية، وكان الاعتقاد السائد لدى الكثير سحق الطرف الآخر وفرض أجندته بالقوة، وكانت مفاوضات الخرطوم بين اتحاد المحاكم الإسلامية والحكومة الانتقالية في عام ٢٠٠٦ هي آخر مؤتمر للأطراف الصومالية للتفاوض حول مصير البلاد .
لكن التغيرات الجذرية والسريعة التي شهدتها الساحة الصومالية قد غيرت قناعات الأطراف الدولية والإقليمية والصومالية، ففي العامين الأخيرين اختلطت الأوراق السياسية وارتبكت الحسابات الإستراتيجية في المنطقة، مما فرض على الجميع إبداء قدر من المرونة والتنازل، وفتح الطريق للبحث عن حل غيرعسكري للصومال .
فاتحاد المحاكم الإسلامية، الذي فقد سيطرته على مقديشو والجنوب الصومالي في عام ٢٠٠٦ في غضون أسبوعين فقط من القتال مع القوات الإثيوبية وقوات الحكومة الانتقالية، وجدت قياداته الإسلامية نفسها فجأة في أحراش الغابات الاستوائية في جنوب الصومال تحاصرها القوات الإثيوبية من البر وتقصفها السفن الحربية الأمريكية وطائراتها من البحر والجو، ولم تجد ملجأ لها في المنطقة غير إريتريا التي تعاني من عزلة دولية وإقليمية، مما جعل هذه القيادات تراجع حساباتها من جديد .
وبالمقابل اعتقدت الحكومتان الإثيوبية والصومالية أنهما قد حسمتا المعارك عسكريا خارج مقديشو، وأنهما قضيا على المحاكم الإسلامية، لكن اندلاع المقاومة ضد الإثيوبيين بعد شهر من احتلالهم العاصمة وفشل القوات الإثيوبية في إخمادها وحصار القوات الإثيوبية في الثكنات العسكرية والمواجهات المستمرة بين الجانبين، أظهر قدرة المقاومة على الصمود، فضلا عن تأخر وصول القوات الإفريقية التي كان مقررا نشرها في الصومال، ما فرض معطيات على الجانب الإثيوبي للبحث عن مخرج من المستنقع الصومالي .
[ALIGN=LEFT]إسلام أون لاين[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *