مواجهة العنف داخلنا

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د .رؤوفة حسن[/COLOR][/ALIGN]

كنت كلما دخلت بسبب أو آخر الى المعهد العالي للقضاء أشعر بالحسرة . فأنا في اليمن البلد الذي تعمل فيه النساء في مجال القضاء منذ فترة طويلة، لكن المعهد المتخصص في إعداد القضاة كان مغلقا في وجوههن حتى العام قبل الماضي .
وفي مطلع هذا الأسبوع تم في هذا المعهد عقد لقاء تشاوري حول العنف ضد الأطفال تدشينا لورشة عمل متخصصة يشارك فيها عدد من القضاة والقاضيات والعاملين في الشرطة لمدة يومين . وكانت القائمة بالتحضير لهذه الفعالية القاضية أفراح بادويلان، وهي إحدى أقدم القاضيات اليمنيات وتحتل منصب رئاسة محكمة الأحداث في صنعاء .
وفي المدخل التقيت شابتين توقفتا لتحيتي وأخبرنني أنهن من ضمن الدفعة الأولى من الدارسات بهذا المعهد واللواتي سيتخرجن للعمل في سلك القضاء . كانت هناك سمات خاصة للرزانة في تصرفاتهن وحديثهن لا تخطئها العين . شددت على أيديهن بحرارة فقد كانت سعادتي بهن لا توصف .
أهم ما يجعل وجود النساء في سلك القضاء ضرورة هو هذا العنف المتزايد الذي تكشف عنه الحقائق يوما بعد يوم والذي يدفع ثمنه بشكل واضح الأطفال . فتعامل القاضيات مع قضايا الطفولة يتسم بإنسانية خاصة تنبع من فهمهن للقانون من ناحية ومن ترفقهن الإنساني بالاطفال الذي ينبثق من روح الأمومة التي تتميز بها معظم النساء .
برلمان الأطفال يشارك :
في نفس هذه الفعالية حضر ممثلون عن برلمان الأطفال الذي صار له صوت مسموع بين كل صناع القانون في اليمن لما تميز به من قوة طرح ووضوح القضايا . فالأطفال وحدهم لا يزالوا قادرين على تسمية الأشياء بأسمائها، ورؤية الألوان حسب نسبة الضوء فيها .
تحدث الأطفال فأجادوا، وجردوا العنف من أي محاولات للتغطية عنه أو منحه أسبابا تخفيفية . لاموا جميع من يتسبب في الأذى للأطفال سواء كانوا من أفراد الأسرة أو أفراد الشرطة أو مواقع مكافحة الجريمة، أو نتائج الفقر في الشوارع .
ظهر الواقع كما هو قاسيا غير إنساني، يستمد الكبار فيه مبرراتهم من أشكال للضغوط حولهم يعكسونها على الأضعف فيهم سواء كانوا من أطفالهم أو أطفال الغير . امتلأت القاعة بالتصفيق والفتاة الصغيرة التي انتخبت نائبة لرئيس برلمان الأطفال تضع أمام الجميع سلسلة من الحقائق الدامغة التي تحتاج من المشرعين تدارسها وفهمها ووضع النصوص القاطعة التي من شأنها حماية الأطفال من كل انتهاك، وعدم القبول بأن الانتهاك داخل البيت هو شأن عائلي .
كثير من الأوراق البحثية التي تقدمت الى هذا اللقاء شخصت الواقع وأوضحت أن العنف ظاهرة متزايدة تحتاج الى مواجهة في داخل أنفسنا أولا ثم داخل مجتمعنا بالدرجة الثانية . وأن خطر العنف هو ما ينتج عنه في المستقبل حيث أثبتت الدراسات أن الذين يتلقون العنف في طفولتهم يتحولون الى منتجين للعنف عندما يكبرون .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *